للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذلك بواجب (١).

واحتج: بما روى أبو هريرة عن النبي : "من كان له يسار فلم يُضحّ فلا يقربن مُصلّانا"؛ فذم على ترك ذبح الأضحية والذم لا يستحقُّ إلا على ترك الواجب (٢).

والجواب: أنّ حنبل سأل أحمد عن هذا الحديث فقال: هذا حديث منكر (٣)، ولو صحّ حملناه على أنه توعد على ذلك ليرغب في الأضحية، ويندب إليها؛ كما قال: "من أكل من هاتين الشّجرتين فلا يقربنّ مُصلّانا" (٤)، ولم يدلّ هذا على أنّ ترك أكلهما واجب (٥)، وكذلك قال : "في سُورة الحجّ سجدتان من لم يسجُدهُما فلا يقرأهُما" (٦) ولم يدل ذلك على وجوب السجدتين.

وجواب آخر: وهو أنه يحتمل أن يكون التوعد على من لم ير التضحية قُربة فلا يقرب المصلّى؛ لأن القُربة في الصلاة كهي في التضحية، فمن جحد أحد منهما فليجحد الأخرى (٧).


(١) ينظر: الروض المربع (١/ ١٩٧)، الكافي في فقه أحمد (١/ ٥٤٦)، الحاوي (١٥/ ١٣١).
(٢) لم أقف عليها. وينظر: المغني (٩/ ٤٣٥)، الشرح الكبير على متن المقنع (٣/ ٥٨١).
(٣) ينظر: مسند الإمام أحمد (١/ ٧٢)، المبسوط للسرخسي (١٢/ ١٣)، العناية شرح الهداية (٩/ ٥٠٨).
(٤) أخرجه بهذا اللفظ أبو يعلى في مسنده، رقم (٤٢٩١) من حديث أنس بن مالك وفيه: "فلا يقربن من مصلانا"، وهو عند البخاري في كتاب الأطعمة، باب ما يكره من الثوم والبقول، رقم (٥٤٥١)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب نهي من أكل ثوم أو بصلا أو كراثا أو نحوها رقم (٥٦٢)، ولفظ مسلم قال: سئل أنس عن الثوم، فقال: قال رسول الله : "من أكل من هذه الشجرة، فلا يقربنا، ولا يصلي معنا".
(٥) ينظر: المغني (١٣/ ٣٦١)، المبدع شرح المقنع (٣/ ٢٧٨).
(٦) أخرجه أبو داود في كتاب سجود القرآن، باب تفريع أبواب السجود وكم سجدة في القرآن رقم (١٤٠٢)، والترمذي في أبواب السفر، باب ما جاء في السجدة في الحج رقم (٥٧٨) وأحمد في مسنده رقم (١٧٣٦٤)، والدارقطني في سننه، رقم (١٥٢١)، والحاكم في المستدرك رقم (٣٤٧٠)، والبيهقي في الكبرى رقم (٣٧٢٨) من حديث عقبة بن عامر قال: قلت: يا رسول الله، أفضلت سورة الحج على سائر القرآن بسجدتين؟ قال: "نعم، فمن لم يسجدهما، فلا يقرأهما".
قال الترمذي: هذا حديث ليس إسناده بذاك القوي. وقال الحاكم: هذا حديث لم نكتبه مسندًا إلا من هذا الوجه، وعبد الله بن لهيعة بن عقبة الحضرمي أحد الأئمة إنما نقم عليه اختلاطه في آخر عمره. وقال الذهبي في مختصر السنن الكبرى (٢/ ٧٥٥): ابن لهيعة فيه ضعف. وقال ابن حجر في التلخيص الحبير (٢/ ٢٦): فيه ابن لهيعة وهو ضعيف.
(٧) ينظر: العناية شرح الهداية (٩/ ٥٠٨)، بدائع الصنائع (٥/ ٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>