للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد أورد أبو الحسن تحريم ذلك في جزء ردًّا على من خالفه من أصحابنا (١) وبه قال مالك (٢)، وحكى أبو الحسن التميمي عن الضحاك ومجاهد (٣) وسوار (٤).

كان شيخنا أبو عبد الله يحكي عن أبي القاسم الخرقي أنه كان يرى إباحتها، واختار ذلك (٥) ولعله ذهب في ذلك إلى ما رواه مهنا عن أحمد أنه قيل له الزهري عن مالك في اليهود يذبح الشاة لا يأكل شحمها (٦)، فقال أحمد مذهب دقيق وظاهر هذا أنه عجب من قوله ولم يأخذ به وبه قال أبو حنيفة والشافعي (٧).

فالدلالة على بقاء تحريم ذلك على اليهود: قوله تعالى: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلَّا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِبَغْيِهِمْ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ﴾ [الأنعام: ١٤٦]، قال أبو صالح (٨): إلا ما حملت ظهورهما الآلية، والحوايا: المبعر، أو ما اختلط بعظم قاله: بالمبعر من الشحم، وعن السدي (٩): ما اختلط بعظم بالمبعر من الشحم وعنه ما كان من شحم على عظم، قال أبو بكر في تفسيره: الحوايا جمع واحدها حاوية وحويه وحاويًا وهي المباعر (١٠).

فوجه الدلالة: أن الله تعالى حرم عليهم ذلك وعلل بأن ذلك التحريم ببغيهم وتلك


(١) لم أقف عليه.
(٢) ينظر: المدونة (١/ ٥٤٤)، الكافي في فقه المدينة (١/ ٤٣٠).
(٣) سبقت ترجمتة ص ٩٨.
(٤) هو سوار بن عبد الله بن سوار بن عبد الله بن قدامه ابو عبد الله العنبري التميمي البصري نزل بغداد، وولي بها القضاء، وحدث عن ابيه وأخرين، وروى عنه عبد الله بن احمد بن حنبل، والعباس بن احمد وغيرهم وثقه النسائي وقال عنه احمد لم اسمع عنه الا خيرا توفي سنة ٢٤٥ هـ.
ينظر: تاريخ بغداد (٢٩٠/ ١٠)، سير أعلام النبلاء (١١/ ٥٤٥).
(٥) ينظر مختصر الخرقي (١/ ١٤٥).
(٦) ينظر: المغني (٩/ ٤٠٣)، الشرح الكبير على متن المقنع (١١/ ٦٢).
(٧) ينظر: البناية في شرح الهداية (١١/ ٥٢٩)، الأم (٢/ ٢٦٦).
(٨) سبقت ترجمته (١/ ١٥٧).
(٩) سبقت ترجمته (١/ ٣٩٥)
(١٠) لم أقف على رواية أبي صالح، وأبي بكر، وينظر: الجامع لأحكام القرآن (٧/ ١٢٦)، تفسير ابن كثير (٣/ ٣٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>