للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروى صالح بإسناده عن جابر قال: "كنا نأكل لحوم الخيل على العهد النبي " (١).

وروى أبو بكر الأثرم (٢) في مسائله بإسناده عن جابر: "أن رسول الله نهى يوم خيبر عن لحوم الحمر الأهلية، وأذن في لحوم الخيل" (٣).

هذه الأخبار نصوص في المسألة من وجهين:

أحدهما: أنه أذن في لحوم الخيل.

والثاني: قول جابر كنا نأكل لحوم الخيل على عهد رسول الله ، وهذا يدل على إجماعهم على إباحتها، وأيضًا فإن مذبوحه يجوز بيعه أو مذبوحه طاهر ولا ينجس بالذبح فوجب أن يحل أكله.

أصله: النعم.

وقيل: حيوان يجوز المسابقة عليه فهو كالإبل وهذا غير مؤثر؛ لأن ما لا يجوز المسابقة عليه مباح أيضًا (٤).

واحتج المخالف: بقوله تعالى: ﴿وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا﴾ [النحل: ٨] فامتن علينا بأن جعل لنا في الخيل منافع وهو الركوب، فلو جاز أكلها لذكره إذ منفعته أعظم من منفعة الركوب؛ لأن ترك الأكل يؤدي إلى التلف ولا يعتاض منه بشيء، وترك الركوب لا يؤدي إلى التلف وقد يعتاض عنه بالمشيء، ولأنه أخبر بأنه جعلها للركوب والزينة بحسب فوجب أن يكون الانتفاع بها مقصورًا على ذلك، ولأنه فرق بينها وبين البغال والحمير ولحومها محرمة كذلك الخيل، ولأن الله تعالى قال قبل هذه الآية ﴿وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (٥)[النحل: ٥] فذكر الأكل في


(١) أخرجه النسائي من حديث جابر بن عبد الله في كتاب الصيد والذبائح، الإذن في أكل لحوم الخيل رقم (٤٣٣٠)، والبيهقي في الكبرى رقم (١٩٤٣٨) وأصله في الصحيحين.
(٢) سبقت ترجمته (١/ ٦٣).
(٣) لم أقف على مسائل الأثرم وقد أخرجه البخاري في كتاب الذبائح والصيد، باب لحوم الخيل رقم (٥٥٢٠)، ومسلم في كتاب الصيد والذبائح وما يؤكل من الحيوان، باب في أكل لحوم الخيل، رقم (١٩٤١).
(٤) ينظر: مطالب أولي النهى (٥/ ٥٥٦)، الحاوي الكبير (١٥/ ١٤٢)، المجموع (٩/ ٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>