للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأنعام فلو كان الخيل أكلها مباحًا لوجب أن يذكر الأكل (١).

والجواب: عن قولهم أنه ذكر منافعها من الركوب ولم يذكر الأكل، فلا يدل على أنه غير مباح؛ لأنه لم يذكر فيها حمل الأثقال عليها، وهو حلال بالإجماع، وكذلك لم يذكر بيعها وإجارتها والوصية بها، وعلى أنه لم يذكره؛ لأنه يختص بالخيل، وإنما ذكر تعالى ما يعم جميع الأنواع الثلاثة، وهو الركوب والزينة، فأما إباحة الأكل فإنه يختص بالخيل دون البغال والحمير، ولأن الأكل منها غير مقصود وإنما الركوب هو المقصود؛ فلهذا لم يذكر الأكل (٢).

وأما قولهم أنه قرن بينها وبين البغال والحمير ولا حجة فيه؛ لأن الله تعالى قد فرق بين الشيئين في الذكر وحكمهما مختلف؛ فقال: ﴿كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ﴾ [الأنعام: ١٤١]، وقال: ﴿فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآتُوهُمْ﴾ [النور: ٣٣]، والإيتاء واجب والكتابة مستحبة، وقال: ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ﴾ [البقرة: ١٩٦]. والحج واجب والعمرة غير واجبة عند المخالف (٣).

وأما قولهم أنه ذكر قبلها الإنعام ونص على الأكل منها فذلك؛ لأن إباحة الأكل يعمها، والإباحة ههنا لا يعم البغال والحمير فلهذا لم يعقبه بإباحة الأكل (٤).

واحتج: بما روى أبو داود بإسناده عن خالد بن الوليد أن رسول الله : "نهى عن أكل لحوم الخيل والبغال والحمير" (٥).


(١) ينظر: الهداية شرح البداية (٤/ ٦٨)، بدائع الصنائع (٥/ ٣٨)، واللباب في الجمع بين السنة والكتاب (٢/ ٦٢٢)، كنز الدقائق (ص ٦٠١)، الغرة المنيفة ص (١٧٤)، بداية المجتهد (١/ ٤٦٩).
(٢) الشرح الكبير (١١/ ٧٩)، الحاوي الكبير (١٥/ ١٤٣)، المجموع (٩/ ٤).
(٣) الشرح الكبير (١١/ ٧٩)، الحاوي الكبير (١٥/ ١٤٣).
(٤) الشرح الكبير (١١/ ٧٩)، الحاوي الكبير (١٥/ ١٤٣)، المجموع (٩/ ٤).
(٥) أخرجه أبو داود من حديث خالد بن الوليد في كتاب الأطعمة، باب في أكل لحوم الخيل رقم (٣٧٩٠)، والنسائي في كتاب الصيد والذبائح، تحريم أكل لحوم الخيل رقم (٤٣٣٢)، وابن ماجه في كتاب الذبائح، باب لحوم البغال رقم (٣١٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>