للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذئب؟ قال: "ويأكل الذئب أحد فيه خير" (١) (٢).

والجواب: أن قوله في الضبع وفي الثعلب من يأكله محمول على التنزيه دون التحريم ألا ترى أنه غلظ القول في الذئب فقال: يأكله أحد فيه خير فغلظ فيه؛ لأنه محرم (٣). واحتج بأنه: سبع له ناب فوجب أن لا يؤكل. دليله: الكلب والخنزير والذئب والنمر والأسد (٤).

والجواب: أنه يبطل بالأرنب والوبر فإن لهما نابًا وهما مما خاف عنده، والمعنى في الأصل أن له نابًا قويًا يعدو به على الناس وليس كذلك ههنا فإنه يطهر بالذكاة أو ينتفع بجلده أشبه ما ذكرنا وإن شئت قلت: المعنى في الأصل أن العرب تستخبثه، وليس كذلك ههنا؛ لأنها تستطيبه (٥). واحتج بأنه: يأكل الجيف أشبه الكلب وسائر السباع (٦).

والجواب: أنه يخلط فيأكل النبات والحبوب ويأكل اللحم، ومثل ذلك لا يحرم أكله.

الدليل عليه: ما ذكره الكرخي (٧) في مختصره عن أبي يوسف أنه قال: سألت أبا حنيفة عن أكل العقعق (٨) فلم ير به بأسًا، وقال: إنه يخلط مع الجيفة التمر، وإنما يكره من


(١) أخرجه الترمذي من حديث خزيمة بن جزء في أبواب الأطعمة، باب ما جاء في أكل الضبع رقم (١٧٩٢) مختصرًا، وابن ماجه في كتاب الصيد، باب الذئب، باب الضبع، باب الأرنب رقم (٣٢٣٥،٣٢٣٧،٣٢٤٥) مجزأً، والطبراني في "الكبير" (٤/ ١٠٢) رقم (٣٧٩٦).
وقال الشافعي في مصباح الزجاجة في زوائد ابن ماجه وإسناده ضعيف لأن فيه عبد الكريم بن أبي المخارق قال عنه ابن عبد البر مجمع علي ضعفه. (٣/ ٢٣٩).
(٢) المبسوط (١١/ ٤٠٦) الهداية شرح بداية المبتدي (٤/ ٦٨).
(٣) ينظر: الروض المربع (١/ ٤٤٧)، الشرح الكبير (١١/ ٨٣)، الإنصاف (١٠/ ٣٦٠)، والحاوي الكبير (١٥/ ١٣٨).
(٤) ينظر: تبيين الحقائق (٥/ ٢٩٤)، بدائع الصنائع (٥/ ٣٩)، المبسوط (١١/ ٤٠٦).
(٥) ينظر: الشرح الكبير (١١/ ٨٤)، الحاوي الكبير (١٥/ ٣٧).
(٦) ينظر: تبيين الحقائق (٥/ ٢٩٤)، بدائع الصنائع (٥/ ٣٩)، المبسوط (١١/ ٤٠٦).
(٧) سبقت ترجمته (١/ ٦٥).
(٨) العقعق: طائر طويل الذيل فيه سواد وبياض ضخم طويل المنقار أبلق يعقعق بصوته كأنه ينشق به حلقه، وجمعه عقاعق، وهو من طير البر. ويقولون: هو أحمق من عقعق، وذلك أنه يضيع ولده. ينظر: العين (١/ ٦٤)، ومقاييس اللغة (٤/ ٨)، والمخصص (٢/ ٣٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>