للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأيضا: فإن الذكاة في الحيوان تختلف على حسب الإمكان فيه والقدرة بدلالة أن الحيوان المقدور عليه ذكاته في الحلق واللبة للقدرة على ذلك، والممتنع من الصيد والحيوان الواقع في البئر لما تعذرت ذكاته في الحلق واللبة كانت ذكاته بالعقر، والجنين لا يمكن التوصل إلى ذبحه ولا عقره فلم يشترط ذلك في استباحته وجعلت ذكاة الأم ذكاة له (١).

فإن قيل: البعير إذا وقع في بئر أو ندا فإن جرحه مقام نحره؛ لتعذر الوصول إلى ذكاته في النحر، ولو أصابته مكان الجراحة صدمة من جهته فقتله لم يكن ذلك ذكاة له، والجنين في هذا الموضع لم يذبح ولم يخرج فوجب أن لا يكون مذكى؛ كما لا يكون البعير مذكى بالصدمة ونحو ذلك (٢).

قيل: إنما لم تكن الصدمة ذكاة؛ لأنه يمكن جرحه ولا يمكن مثل ذلك في الجنين فلهذا فرقنا بينهما (٣).

فإن قيل: يلزمك أن تقول إذا وقع بعير فوق بعير في بئر ولم يتوصل إلى نحر الثاني وجرحه أن جرح الأول يكون ذكاة له وللثاني، فاتفقوا على فساد ذلك ههنا (٤).

قيل: إنما لم يكن ذكاة الثانية ذكاة الأول؛ لأن الثانية لا تضمن بضمان الأولى ويضمن الجنين بضمان الأم، والجناية على الأم قائمة مقام الجناية على الجنين.

يدل عليه أنه إذا جنى على البهيمة فأسقطت جنينا ميتا وجب عليه ما نقص من البهيمة بالإسقاط، وإذا جنى على آدمية فأسقطت جنينا ميتا وجب عليه غرة عبد أو أمة مع أرش الجناية عليها غير الجناية على الجنين، وعلى هذا لو جنى على بهيمة فوقعت على بهيمة أخرى فقتلتها لم يجب عليه ضمان الأخرى وإنما يجب ضمانها إذا دفعها وطرحها على الأخرى ولأنها لا تتبعها في البيع (٥).


(١) ينظر المغني (٩/ ٤٠٠)، الشرح الكبير على متن المقنع (١١/ ٥٩).
(٢) ينظر: تبيين الحقائق (٦/ ٥٩)، حاشية ابن عابدين (٦/ ٣٠٣).
(٣) ينظر: المغني (٩/ ٤٠٠)، الشرح الكبير على متن المقنع (١١/ ٥٩)، الإنصاف (١٠/ ٣١٨).
(٤) ينظر: مختصر الخرقي (ص ١٤٤)، شرح الزركشي (٦/ ٦٤١).
(٥) ينظر: الحاوي الكبير (٩/ ٣٥٤)، الشرح الكبير على متن المقنع (٤/ ٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>