للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نزع الخافض تعدى الفعل وهو الاختيار إلى القوم فانتصب (١).

وجواب آخر: وهو أنا نقول ما ينكر أن يكون النصب بنزع الخافض الذي هو الباء والفاء، وكأنه قال: ذكاة الجنين بذكاة أمه، أو في ذكاة أمه فلما نزع الخافض نصبه.

وقال ابن جني: يجوز النصب على حذف الوقت كأنه قال: ذكاة الجنين وقت ذكاة أمه فحذف الوقت وأقام المضاف إليه مقامه وأعربه بإعرابه وهو النصب. وهذا إنما يصح على ما قلناه؛ لأنه يكون ذكاته وقت ذكاة أمه.

ومن القياس أن ما يسري إليه العتق من بنات آدم جاز أن يسري إليه الذكاة من البهائم قياسا على الأعضاء، ولا يلزم عليه الجنين المتولد من بين ما يؤكل لحمه وما لا يؤكل أنه لا تسري إليه الذكاة فلا يدخل عليه أعيان المسائل، وإن شئت قلت ما تبع البهيمة في البيع جاز أن يتبعها في الذكاة (٢).

دليله: ما ذكرنا وفيه احتراز من الجنين المتولد من بين ما يؤكل لحمه وما لا يؤكل؛ لأن التعليل للجواز فلا يلزم عليه اعتبار المسائل (٣).

فإن قيل: لو كانت الذكاة تسري إلى الولد ويتبعه كما يسري البيع والعتق لوجب أن لا يبطل بانفصاله منها حيا كما لا يبطل البيع والعتق والولد وسائر الحقوق التي ثبت في الأم ويسري إليه (٤).

قيل: الغالب أنه لا ينفصل منها حيا وإنه يموت بموت الأم وعيشه بعد موتها نادر والنادر لا اعتبار به (٥) وإذا كان كذلك لم يثبت له حكم الانفصال عن ذكاتها (٦).


(١) ينظر: شمس العلوم ودواء كلام العرب من الكلوم (٢/ ٩٤٨)، الشرح الكبير (١١/ ٥٩)، الحاوي الكبير (١٥/ ١٥٠).
(٢) ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر (٢/ ١٦٤)، لسان العرب (١٤/ ٢٨٨)، الشرح الكبير على متن المقنع (١١/ ٥٩)، المبدع شرح المقنع (٩/ ١٩٧)، الحاوي الكبير (١٥/ ١٥٠)، حاشية البجيرمي (١٣/ ١٢٧)، حاشية الجمل (١٠/ ٣٣٢).
(٣) ينظر: الشرح الكبير (١١/ ٥٩)، الحاوي الكبير (١٥/ ١٥٠)، شرح منتهى الإرادات (٣/ ٤٢٢)، كشاف القناع (٦/ ٢١٠).
(٤) ينظر: حاشية ابن عابدين (٦/ ٣٠٤)، بدائع الصنائع (٥/ ٤٣).
(٥) هذه قاعدة فقهية نصها: النادر لا حكم له. ينظر: الأشباه والنظائر للسبكي (٢/ ١٢٨)، كشف الأسرار عن أصول فخر الإسلام البزدوي (٣/ ٥٣٥).
(٦) ينظر: الحاوي الكبير (١٥/ ١٥٠)، تحفة الحبيب (٥/ ٢٠١)، حاشية البجيرمي (١٣/ ١٢٧)، حاشية الجمل (١٠/ ٣٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>