للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنا قد دللنا على ذلك بالاشتقاق والمعنى الذي سمى جنينا لأجله وقد زال المعنى، فوجب أن تكون الحقيقة زائلة كما إذا زال الملك والزوجية زالت الحقيقة.

جواب ثان: عن أصل السؤال وهو أن حمله على التشبيه يبطل فائدة التخصيص بالأم؛ لأن تشبيهه بالأم ليس أولى من تشبيهه بعمته وخالته وسائر الحيوان (١).

فإن قيل: فيه إبطال مذهبكم وإزالة توهم من يتوهم إن ذكاة الأم ذكاة له وعلى أن الأم أقرب إليه من سائر الحيوانات وإنما يشبه الشيء بما يقرب منه دون ما يكون أجنبيا عنه (٢).

قيل: أما قولك أن فائدته إبطال مذهبهم لا يصح.

وأما قولك: أن الأم أقرب إليه فلا يصح؛ لأن الجميع إن كان بمنزلة واحدة لم يكن لبعضه على بعض مزية وقع التشبيه بالجميع ولم يخصص به البعض كما قال النبي : "تحيضي في علم الله ستا أو سبعا كما يحيض النساء وكما يطهرن" (٣) ولم يخص أمها لتساويهما في ذلك فلما خص الأم ههنا دون غيرها لم يصح ما قاله (٤).

جواب ثالث: عن أصل السؤال وهو ما قالوه يوجب حمل الخبر على إضمار وإذا أمكن حمله على غير إضمار كان أولى لأن الإضمار ترك حقيقة ويحتاج فيه إلى دليل (٥).


(١) ينظر: الشرح الكبير، لابن قدامة (١١/ ٥٩)، المبدع شرح المقنع (٩/ ١٩٦)، المحرر في الفقه (٢/ ١٩٢).
(٢) ينظر: حاشية ابن عابدين (٦/ ٣٠٤)، الهداية شرح بداية المبتدي (٤/ ٣٥١)، البحر الرائق (٨/ ١٩٥).
(٣) أخرجه أبو داود من حديث حمنة بنت جحش في كتاب الطهارة، باب من قال إذا أقبلت الحيضة تدع الصلاة رقم (٢٨٧)، والترمذي في أبواب الطهارة، باب في المستحاضة أنها تجمع بين الصلاتين بغسل واحد، (١٢٨)، وابن ماجه في كتاب الطهارة وسننها، باب ما جاء في البكر إذا ابتدئت مستحاضة، أو كان لها أيام حيض فنسيتها رقم (٦٢٧)، والحاكم في مستدركه (٦١٥)، قال أحمد والترمذي: حسن صحيح، وقال البخاري: حسن، وقال الحاكم: له شواهد وخالف ابن منده وابن حزم فضعفاه، وقال البيهقي: تفرد به عبد الله بن محمد بن عقيل، وهو مختلف في الاحتجاج به، وقال الألباني: حسن.
ينظر: مشكاة المصابيح (١/ ١٧٦)، والبدر المنير لابن الملقن (١/ ٧٧).
(٤) ينظر: المبدع شرح المقنع (١/ ٢٢٨)، شرح منتهى الإرادات (١/ ١١٧).
(٥) ينظر: الحاوي الكبير (١٥/ ١٤٩)، المجموع شرح المهذب (٩/ ١٢٨)، الشرح الكبير على متن المقنع (١١/ ٥٩)، شرح منتهى الإرادات (٣/ ٤٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>