للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قيل: يجوز أن يسمى جنينًا بعد خروجه من بطن الأم؛ ألا ترى أنه روي في خبر أبي سعيد الخدري أنه قال "قلنا: يا رسول الله أحدنا ينحر الناقة أو البقرة أو الشاة فيجد في بطنها جنينًا أيأكله" (١)، ومعلوم أنه لا يجده إلا بعد ظهوره، وفي حديث حمل بن مالك (٢) أنه قال: "كنت بين جاريتين لي فضربت إحداهما الأخرى بمسطح (٣) فألقت جنينًا ميتًا" (٤) فسماه جنينا بعد خروجه (٥).

قيل: هذا مجاز كما يسمى اليتيم بعد بلوغه يتيما ويسمى بعد موت أحد الزوجين أو الطلاق زوجا، وكما يقال دار فلان وعبد فلان بعد البيع وزوال الملك يستصحب الاسم المتقدم، ولا معنى لقولهم: الأصل الحقيقة (٦) فمدعي المجاز يحتاج إلى دليل؛


(١) أخرجه أبو داود في كتاب الضحايا، باب ما جاء في ذكاة الجنين، رقم (٢٨٢٧)، والترمذي في كتاب الأطعمة، باب ما جاء في ذكاة الجنين، رقم (١٤٧٦) وقال: هذا حديث حسن، وأخرجه ابن ماجه في سننه كتاب الذبائح، باب ذكاة الجنين ذكاة أمه، رقم (٣١٩٩)، وأخرجه الدارقطني في سننه (٥/ ٤٩٤) رقم (٤٧٣٦)، قال ابن حجر: والحق أن فيها ما تنتهض به الحجة، وهي مجموع طرق حديث أبي سعيد، وطرق حديث جابر، وقال الألباني: صحيح.
ينظر: التلخيص الحبير (٤/ ٣٨٥)، التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان (٨/ ٣٣٦).
(٢) هو حمل بن مالك بن النابغة الهذلي، يكنى أبا نضلة، له صحبة، أسلم ثم رجع إلى بلاد قومه. ثم تحول إلى البصرة فنزلها وابتنى بها دارا في هذيل. ثم صارت داره بعد لعمرو بن مهران الكاتب.
ينظر: الطبقات الكبرى (٧/ ٢٤)، تهذيب الكمال (٧/ ٣٤٩).
(٣) المسطح: بالكسر عمود الخيمة وعود من عيدان الخباء.
ينظر: النهاية في غريب الأثر (٤/ ٧٠٣)، غريب الحديث لابن سلام (١/ ١٧٥)، تهذيب اللغة (٤/ ١٦٤).
(٤) أخرجه أحمد (٣٤٣٩)، النسائي (٨/ ٢١ - ٢٢) من طريقين عن ابن جريج، بهذا الإسناد. وقال ابن جريج في رواية أحمد: فقلت لعمرو: أخبرني ابن طاووس عن أبيه كذا وكذا، فقال: لقد شككتني. وعبد الرزاق (١٨٣٤٢) عن ابن جريج، عن ابن طاووس، عن طاووس قال: ذكر لعمر قضاء رسول الله . . . فقضى رسول الله بديتها وغرة في جنينها. والدارقطني في السنن (٤/ ١٢٣) رقم (٣٢٠٧)، الحاكم في المستدرك (٣/ ٦٦٦) (٦٤٦٠)، وقال الهيثمي: رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح. ينظر: مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (٦/ ٢٩٩).
(٥) ينظر: حاشية ابن عابدين (٦/ ٣٠٤)، البحر الرائق (٢/ ٢٠٣) (٨/ ١٩٥)، تبيين الحقائق (٥/ ٢٩٤)، المبسوط (١٢/ ٨)، الفواكه الدواني (٢/ ٨٥٩)، كفاية الطالب (١/ ٧٢٨)، التاج والإكليل (٦/ ٢٥٧).
(٦) الحقيقة: هي ما أفيد بها ما وضعت له في أصل الاصطلاح الذي وقع التخاطب به وقد دخل فيه الحقيقة اللغوية والعرفية والشرعية.
ينظر: المحصول (١/ ٣٩٧)، البلاغة العربية أسسها وعلومها وفنونها (١/ ٥٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>