للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قيل: ليسوا من حيث لا يعتبر حال من يصطاده يجب أن لا يعتبر فيه الذكاة، كجلد الميتة لا يعتبر حال من يدبغه (١)، ويعتبر فيه، وذكاته دباغه، كذلك ذكاة السمك موته بسبب (٢).

قيل: الجلد لا يطهر بالدباغ عندنا، ولو طهر فليس بذكاة، وإنما هو يطهر من نجاسة (٣).

فإن قيل: لا يجوز اعتبار السبب بغيره، كما لا يجوز اعتبار الذكاة بعدمها (٤).

قيل: وقد يستويان؛ بدليل الجراد على أنه يجوز أن يفرق بين الذكاة وغيرها، فأما ههنا فإنهما سواء؛ لأن وجود السبب ههنا بمثابة موته؛ لأنه لا يعتبر فاعلًا مخصوصًا (٥).

واحتج المخالف: بقوله تعالى: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ﴾ [المائدة: ٣]، والميتة اسم لما مات حتف أنفه فهو ميتة (٦).

والجواب: أن هذا عام؛ فنحمله ونخصصه على ميتة البر؛ بدليل الخبر الخاص (٧).

واحتج بما روى جابر قال: قال رسول الله : "ما ألقى البحر أو جزر (٨) عنه الماء فكلوه، وما طفا فلا تأكلوه" (٩).


(١) الدباغ: ما يدبغ به الأديم. ينظر: لسان العرب (٨/ ٤٢٤)، مختار الصحاح (١/ ٢١٨).
(٢) ينظر: مجمع الأنهر (٤/ ١٦٤)، تحفة الفقهاء (٣/ ٦٣)، بدائع الصنائع (٥/ ٣٥)
(٣) ينظر: الشرح الكبير على متن المقنع (١/ ٦٤)، العدة شرح العمدة (١/ ١٩).
(٤) ينظر: بدائع الصنائع (٥/ ٣٥) مجمع الأنهر (٤/ ١٦٤).
(٥) ينظر: الشرح الكبير (١١/ ٤٣)، المبدع شرح المقنع (٩/ ١٨٧).
(٦) ينظر: المبسوط (١١/ ٤٤٨)، الهداية شرح البداية (٤/ ٧٠).
(٧) ينظر: المغني (١١/ ٣٩)، الشرح الكبير على متن المقنع (١١/ ٤٣)، الحاوي (١٥/ ٦٥).
(٨) جزر: الجزر: ضد المد، وهو رجوع الماء إلى خلف، قال ابن سيده: جزر البحر والنهر يجزر جزرا وانجزر، وجزر عنه البحر أي ما انكشف عنه من حيوان البحر.
ينظر لسان العرب (٤/ ١٣٣)، المصباح المنير (١/ ٥٥).
(٩) أخرجه أبو داود في كتاب الأطعمة، باب في أكل الطافي من السمك رقم (٣٨١٥)، ابن ماجه في كتاب الصيد، باب الأرنب رقم (٣٢٤٧). وضعفه الشيخ الألباني في ضعيف الجامع الصغير وزيادته رقم (٥٠١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>