للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قيل: وقد روى الشالنجي بإسناده عن جعفر بن محمد قال: قال علي: "الحيتان والجراد ذكي كله" (١).

فإذا كان كذلك تعارض القولان عنه؛ فإما أن يسقطا ويبقى قول غيره، أو يكون ما وافق قولنا أولى؛ لأنه يطابق قول غيره من الصحابة (٢).

والقياس أن كل حيوان لو مات بسبب أُكل، فإذا مات بغير سبب أُكل كالجراد (٣).

ونقول: كل حيوان لو مات في البر أكل، فإذا مات في البحر أكل كالجراد (٤).

يبين صحة هذا: أنه لو كان موته بسبب -وهو حسر الماء عنه- يجري مجرى الذكاة لكان يجب أن يعتبر كون الآخذ له من أهل الذكاة كما اعتبر ذلك في سائر الحيوان، فلما لم يعتبر ذلك فيه ثبت أنه لا اعتبار بالذكاة فيه ولا بما يقوم مقامها (٥).


= وقال البيهقي في الكبرى (٩/ ٤٢٩): يحيى بن سليم الطائفي كثير الوهم سيئ الحفظ، وقد رواه غيره عن إسماعيل بن أمية موقوفا، ورواه أبو عيسى الترمذي من حديث ابن أبي ذئب، عن الحسين بن يزيد الكوفي، عن حفص بن غياث، عن ابن أبي ذئب عن أبي الزبير، عن جابر ، عن النبي قال: "ما اصطدتموه وهو حي فكلوه، وما وجدتم ميتا طافيا فلا تأكلوه". قال أبو عيسى: سألت محمدا يعني البخاري عن هذا الحديث فقال: ليس هذا بمحفوظ، ويروى عن جابر خلاف هذا، ولا أعرف لابن أبي ذئب عن أبي الزبير شيئا. وقد رواه أيضًا يحيى بن أبي أنيسة عن أبي الزبير مرفوعا، ويحيى بن أبي أنيسة متروك لا يحتج به، ورواه عبد العزيز بن عبيد الله، عن وهب بن كيسان، عن جابر مرفوعًا، وعبد العزيز ضعيف لا يحتج به، ورواه بقية بن الوليد عن الأوزاعي، عن أبي الزبير، عن جابر مرفوعًا، ولا يحتج بما ينفرد به بقية، فكيف بما يخالف فيه، وقول الجماعة من الصحابة على خلاف قول جابر مع ما روينا عن النبي أنه قال في البحر: "هو الطهور ماؤه الحل ميتته".
(١) لم أقف على رواية هذا الأثر من هذا الطريق، وقد أخرجه عبد الرزاق في المصنف كتاب المناسك، باب الحيتان، رقم (٨٦٦٣)، والبيهقي في السنن الكبرى كتاب الصيد والذبائح، باب ما جاء في أكل الجراد، رقم (١٩٠٠٢)، وفي معرفة السنن والآثار كتاب الصيد، باب الجراد، رقم (١٨٨٥٧). وقال ابن التركماني: فيه عبد الله بن الوليد وهو متكلم فيه، ينظر الجوهر النقي (٩/ ٢٥٤).
(٢) الحاوي (١٥/ ٦٥)، المجموع شرح المهذب (٩/ ٣٤).
(٣) ينظر: الإقناع في فقه الإمام أحمد (٤/ ٣١٦)، الشرح الكبير (١١/ ٤٥).
(٤) ينظر: كشاف القناع (٦/ ٢٠٤)، مسائل الإمام أحمد وإسحاق بن راهوايه (٨/ ٤٠٠٢).
(٥) ينظر: الشرح الكبير (١١/ ٤٣)، المبدع (٩/ ١٨٧)، الحاوي (١٥/ ٦٥)، المجموع (٩/ ٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>