للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قيل: لا يجوز أن يأمرهم بمثل ذلك وهو مما لا يقع الإباحة به؛ لأنه يؤدي إلى أن يأمرهم بما يؤول إلى الإتلاف؛ لعلمنا أن الجرح قد يأتي على نفس الصيد، ومثل هذا ما قلنا في قول النبي : "إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فامقلوه (١) فيه" (٢) فلو كان موته يوجب تنجيسه لم يأمر بمقله مع علمنا أنه يموت بالمقل في العادة كذلك ههنا، ولأن إطلاق الحبس يقتضي القتل؛ لأن من طبع الحيوان إذا جرح وكان فيه قدرة على الهرب لم يقف وإنما يقف إذا لم يبق فيه حياة مستقرة فعلم أن الإباحة تقع بمجرد الحبس من غير إحداث ذكاة. وأيضًا ما روى أحمد، نا عفان (٣)، نا حماد بن سلمة (٤) عن أبي العشراء (٥) عن أبيه (٦) قال: قلت: يا رسول الله أما تكون الذكاة إلا من اللبة أو الحلق؟ قال: "لو طعنت في فخذها لأجزأ عنك" (٧)، وسمعته يقول: وأبيك. ذكره


(١) أي: فاغمسوه في الطعام أو الشراب.
ينظر: جمهرة اللغة (٢/ ٤٩)، لسان العرب (١١/ ٦٢٧) باب (اللام) فصل (الميم) مادة (مقل).
(٢) أخرجه البخاري من حديث أبي هريرة في كتاب بدء الخلق، باب إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه، فإن في إحدى جناحيه داء وفي الأخرى شفاء رقم (٣٣٢٠). والنسائي في المجتبى (٧/ ١٧٨ - ١٧٩)، وأبو يَعْلى (٩٨٦)، وابن حبان (١٢٤٧)، وابن عبد البر في التمهيد (١/ ٣٣٧)، وابن خزيمة (١٥٠٨) من طريق عبد الغفار بن عبيد الله، وابن عدي في الكامل (٣/ ١٢٦١) من طريق سويد بن عبد العزيز، كلاهما عن شعبة.
(٣) سبقت ترجمته (١/ ٩٠).
(٤) سبقت ترجمته (١/ ٧٤).
(٥) هو يسار بن بكر بن مسعود بن خولي بن حرملة، أبو العشراء، الدارمي، التميمي، وقيل: اسمه أسامة بن مالك بن قهطم، وقيل غير ذلك. روى عن أبيه، وروي عنه: حماد بن سلمة. وذكر أبو موسى المديني أنه وقع له من روايته عن النبي خمسة عشر حديثا. قال ابن حجر: وقفت على جميع أحاديثه وكلها بأسانيد مظلمة. وذكره ابن حبان في الثقات. وقال ابن سعد: هو مجهول. وقال البخاري: في اسمه وحديثه وسماعه من أبيه نظر.
ينظر: تهذيب الكمال (٣٤/ ٨٥)، تهذيب التهذيب (١٢/ ١٦٧ - ١٦٨).
(٦) مالك بن قهطم ويقال: قحطم بحاء، وهو والد أبي العشراء الدارمي. وقد اختلف في اسم أبي العشراء، وفي اسم أبيه، فقال البخاري: اسم أبي العشراء أسامة، واسم أبيه مالك بن قحطم، قاله أحمد بن حنبل، وقال بعضهم: اسمه عطارد بن بلز، قال: ويقال: يسار بن بلز بن مسعود بن خولي بن حرملة بن قتادة، من بني موله بن عبد الله بن فقيم بن دارم، نزل البصرة، وقال أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين: اسم أبي العشراء أسامة بن مالك. وقد نقل عن البخاري، وأحمد بن حنبل غير ذلك، وبالجملة الاختلاف فيه كثير جدا.
ينظر: الاستيعاب في معرفة الأصحاب (٣/ ١٣٥٧)، أسد الغابة (٥/ ٤٠).
(٧) أخرجه أبو داود في كتاب الضحايا، باب ما جاء في ذبيحة المتردية رقم (٢٨٢٥)، والترمذي في أبواب الأطعمة، باب ما جاء في الذكاة في الحلق واللبة رقم (١٤٨١)، وقال: هذا حديث غريب لا نعرفه=

<<  <  ج: ص:  >  >>