للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقتل لم يضمن من هو في يده ولو أرسله عليه ضمنه، وأيضا فإنه إذا لم يتقدمه إرسال تعلق الحكم بالزجر.

بدليل: أن كلبا لو انفلت على دابة أو إنسان فزجره صاحبه فعقر الدابة أو الإنسان ضمن ولو لم يزجره لم يضمن، وقد أومأ أحمد إلى هذا في رواية حرب (١) في رجل دخل دار رجل فحمل عليه كلب أو دابة فقتله فإن لم يهيجوه فليس عليهم شيء إذا كان في ملكهم وظاهر هذا أنه إذا هيج تعلق الضمان عليه (٢).

فإن قيل: في هذا وجهان أحدهما لا ضمان عليه؛ لأنه لا يد له عليه.

قيل: ذكر المروذي من أصحابكم أنه عليه الضمان؛ لأنه آلة له فيما أتلفه فكأنه أتلفه بنفسه وما ذكره ذلك القائل من أنه لا يد له يبطل بإرسال الكلب للصيد فإنه يباح وإن لم يكن له يد عليه في تلك الحال وأقمناه مقام اليد في باب الإباحة وفرقنا بينه وبين أن يسترسل بنفسه كذلك ههنا ويبطل أيضا إذا أرسل كلبه على الصيد في الحرم فقتله ضمنه لا يختلفون في ذلك وفرقوا بين أن يرسله على صيد أنه يضمنه وبين أن يرسله على آدمي فلا يضمنه بأن الكلب يعلم على قتل الصيد فيكون آلته، ولا يعلم على قتل الآدمي فتكون آلته، قالوا: ولهذا يقول لو أرسل كلبا غير معلم على الصيد لم يضمنه (٣).

فإن قيل: فلو سلمنا لكم ثبوت الضمان فإنه مخالف للأكل؛ لأنه إذا اجتمع في الأكل وما يحرم وما يبيح وجب [تغليب] (٤) التحريم كما قلنا في المتولد من بين ما يؤكل لحمه وما لا يؤكل لحمه وفي المجوسي إذا ذبح يحرم أكله لاشتباه حاله فيغلب التحريم، وفي باب الضمان يغلب الوجوب؛ لأنه إذا أرسل كلبه في الحرم على صيد في الحل أكل أو في الحل على صيد في الحرم لم يجز أكله ووجب عليه الجزاء (٥).


(١) سبقت ترجمته (١/ ٦٠).
(٢) لم أقف على هذه الرواية، ينظر الإنصاف (٦/ ٢٢١)، كشاف القناع (٤/ ١٢٠).
(٣) ينظر: شرح الزركشي (٣/ ٢٣٥)، الشرح الكبير على المقنع (٣/ ٣٦٢).
(٤) في الأصل (تعليم)، والصواب ما أثبته.
(٥) ينظر: الكافي في فقه أهل المدينة (١/ ٣٩١)، المدونة (١/ ٤٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>