للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذكر باللسان كذلك قوله: ﴿وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ﴾ [الأنعام: ١٢١]، ولأن أحدًا لا يعتبر في إباحته الذكر بالقلب فلا يجوز حمل الآية عليه، ولأنه لو كان كذلك لما خاطب غير الذاكر والمعتقل؛ لأن ما يضمره بقلبه ويعتقده بلسانه لا يطلع عليه غيره، فلما دخل في الخطاب غيره علم أنه أراد به الذكر باللسان.

ويدل عليه أيضًا ما تقدم من حديث عدي بن حاتم وقوله: "إذا أرسلت كلبك وسميت وأخذ فكل، فإن وجدت معه كلبًا آخر فلا تأكل، فإنما سميت على كلبك" (١)، وفيه دليلان:

أحدهما: قوله: "إذا أرسلت كلبك وسميت فأخذ فكل"، فجعل التسمية شرطًا كما جعل كون الكلب معلمًا شرطًا.

والثاني: قوله: "إنما سميت على كلبك"، فأخبر أنه إذا شركه كلب لم يسم عليه لم يؤكل صيده، ويدل عليه ما رواه الدارقطني (٢) في سننه بإسناده عن أبي سعيد (٣) عن النبي أنه سئل عن الجزور والبقرة وجد في بطنها الجنين فقال: "إذا سميت على الذبيحة فذكاته ذكاة أمه" (٤) فقوله: "إذا سميتم" يدل على أنها شرطا في الذبيحة، ولأنه صيد لم يسم عليه فلم يبح أكله.


(١) سبق تخريجه (٢/ ١٠٢).
(٢) سبقت ترجمته (١/ ١٤٨).
(٣) سبقت ترجمته (١/ ٧٧).
(٤) أخرجه الدارقطني من حديث أبي سعيد في سننه رقم (٤٧٣٥) وهو عنده بلفظين: أحدهما "أنه سئل عن الجنين يخرج ميتا فقال: إن شئتم فكلوه". الثاني. "أنه سئل عن الجزور والبقرة يوجد في بطنها الجنين، فقال: إذا سميتم على الذبيحة فذكاته ذكاة أمه" ثم ذكره بلفظ أبي داود المطول، قال الترمذي: "حديث حسن". قال: "وقد روي من غير هذا الوجه عن أبي سعيد. قال: والعمل على هذا الحديث عند أهل العلم من أصحاب رسول الله وغيرهم".
ومدار الحديث على مجالد بن سعيد الهمداني ضعفوه، وفي رواية عن النسائي توثيقه، وأخرج له مسلم مقرونا مع غيره، وادعى النووي في شرح المهذب الاتفاق على ضعفه فكيف يحسنه الترمذي فإنه قال: وقد روي من غير هذا الوجه عن أبي سعيد. وأما ابن حزم في محلاه فقال: واحتج المخالفون بأخبار واهية منها هذا الخبر … فذكره بلفظ أبي داود الثاني، وذكر من حديث مجالد، عن الشعبي، عن أبي الوداك، ثم قال: ومجالد ضعيف، وأبو الوداك كذلك.
ينظر: البدر المنير (٩/ ٣٩٠ - ٣٩١)، نصب الراية (١٩١٤)، التلخيص الحبير (٤/ ١٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>