للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دليله: إذا استرسل الكلب وزجره صاحبه وصاح به ولم يسم لا يباح أكل ما صاده، وليس لهم أن يقولوا أن ذلك لو سمى عليه لم يبح؛ لأنا لا نسلم هذا، بل نقول: إذا سمى مع صيحته به يباح، ويعرض الكلام في الضحايا والهدايا فنقول: قربة شرع في أولها ذكر فكان واجبًا.

دليله: الصلاة، ولا يلزم عليه الأكل أنه شرع فيه التسمية وليست بواجبة؛ لأنه ليس بقربة، ولا يلزم عليه الإحرام؛ لأن الذكر مشروع إذا أشرف على البيداء (١).

وقد قيل بأن ذكاة الوثني والمجوسي والمرتد لا يبيح الأكل؛ لأن التسمية لا تصح منهم؛ لأنهم لا يؤمنون بالله، وهذا يدل على أن ترك التسمية يحرم أكل الذبيحة؛ يدل على ذلك أن اليهودي والنصراني لما كانا مؤمنين بالله لا يصح منهما ذكر اسم الله عليه حلت ذبيحتهما، والسمك لما لم يحتج إلى ذكر اسم الله عليه حل أكله سواء اصطاده الوثني والمجوسي أو غيرهما.

والمخالف يعترض على هذا بأن تحريم ذبيحة الوثني والمجوسي، ليس لعدم التسمية من جهتهم، وإنما هو لتغليظ كفرهم، بدليل أن مناكحتهم محرمة، وليس ذلك لعدم التسمية من جهتهم؛ لأن النكاح لا يجب ذكر الله عليه، وإنما هو لتغليظ كفرهم (٢). ولأنه لو كان لفساد التسمية من جهتهم لم يصح ذبيحة اليهودي والنصراني؛ لأن ذكر اسم الله عليه شرع جاء به رسول الله وهما لا يصدقانه ولا يؤمنان بما جاء به فحكمهما في ذلك كحكم الوثني والمجوسي والمرتد، والسمك إنما حل إذا اصطاده المجوسي والوثني لأنه لا يعتبر في إباحته فعل آدمي، وإذا مات بغير سبب حل أكله، ولهذا قلنا: إن الطافي يحل أكله، وقال قوم: إذا انحبس الماء ومات حل أكله، على أن أحمد قد أطلق القول في رواية ابن منصور (٣)


(١) ينظر: المسائل الفقهية من كتاب الروايتين والوجهين (٣/ ١٥ - ١٦)، الهداية على مذهب الإمام أحمد (ص: ٥٥٢)، الكافي (١/ ٥٥٢)، كشاف القناع (٦/ ٢٢٤).
(٢) ينظر الهداية (ص: ٥٥٢)، المغني (١/ ٥٠) الشرح الكبير (١١/ ٤٧).
(٣) سبقت ترجمته (١/ ١٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>