للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وظاهر الآية: ﴿وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ﴾ [الأنعام: ١٢١] يدل على أنه في الميتة، ونحو هذا نقل أحمد بن هاشم (١)، والرواية الأولى أصح وأنه إن تركها على الذبيحة عامدا لم تؤكل وإن تركها ناسيا أكلت (٢)، ورأيت بخط أبي حفص العكبري (٣) نقل عن أبي طالب عن أحمد أنه سئل: أتجزي الذبيحة بالله أكبر والحمد لله؟ قال: لا تجزئ الذبيحة إلا بالتسمية.

وهذه الرواية تدل على أن لفظ التسمية معتبر، فإن أتى بغيره لم يجزه (٤).

وقال أبو حنيفة: إن ترك التسمية على الصيد أو على الذبيحة عامدا لم تؤكل، وإن تركها ناسيا أكل (٥).

وقال مالك (٦) والشافعي: إن تركها عامدًا أو ناسيًا أكل (٧).

فالدلالة على أن ترك التسمية في الجملة يمنع الأكل في الصيد والذبيحة قوله تعالى: ﴿وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ﴾ [الأنعام: ١٢١]، وهذا نهي (٨).

فإن قيل: المراد الميتة؛ لأن المشركين كانوا يجادلون المسلمين ويقولون: تأكلون مما قتلتموه ولا تأكلون مما قتله الله! يعني الميتة، فأنزل الله هذه الآية، ويبين ذلك: قوله تعالى: ﴿وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ﴾ ولا خلاف أن أكل الذبيحة التي تركت التسمية عليها ليس بفسق.

ويدل عليه أيضا قوله تعالى: ﴿وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ﴾


(١) سبقت ترجمته (١/ ٦٠).
(٢) لم أقف على هذه الرواية، وينظر: شرح الزركشي (٦/ ٦٣٧)، الروض المربع (١/ ٦٩١).
(٣) سبقت ترجمته (١/ ٩١).
(٤) ينظر: الهداية (ص ٥٥٣)، المغني (٩/ ٣٦٧)، الشرح الكبير (١١/ ٥٧).
(٥) ينظر: العناية شرح الهداية (٩/ ٤٨٩)، رد المحتار على الدر المختار (٦/ ٢٩٩).
(٦) هذا هو المنقول فقط عن أشهب، وإلا فالمذهب عند المالكية: إن ترك التسمية عند الإرسال عمدا لم يؤكل الصيد، وإن نسي أو جهل أكل الصيد بمنزلة الذبيحة سواء.
ينظر: المقدمات الممهدات (١/ ٤٢٠)، الذخيرة (٤/ ١٣٤)، القوانين الفقهية (١/ ١٢٤).
(٧) ينظر: البيان في مذهب الإمام الشافعي (٤/ ٤٥١)، فتح العزيز شرح الوجيز (١٢/ ٣٦).
(٨) ينظر: شرح الزركشي (٦/ ٦٣٧)، الروض المربع (١/ ٦٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>