للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"إن كانت لك كلاب مكلبة فكل مما أمسكن عليك". قال: يا رسول الله ذكي وغير ذكي؟ قال: "ذكي وغير ذكي". قال: فإن أكل منه؟ قال: "وإن أكل منه". قال: يا رسول الله أفتني في قوسي. قال: "كل ما أمسكت عليك قوسك". قال: ذكي وغير ذكي؟ قال: "ذكي وغير ذكي". قال: وإن تغيب عني؟ قال: "وإن تغيب عنك ما لم يصل يعني: تتغير أو تجد فيه غير سهمك" (١).

والجواب أنه: يحتمل أن يكون معناه إن أكل منه ثم أدركت ذكاته وذكيته فكل كما قال تعالى: ﴿وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ﴾ [المائدة: ٣]، وإذا احتمل ذلك حملناه عليه.

ويحتمل أن يكون قوله: "وإن أكل منه" يعني: إذا قتله وتركه قتيلا ثم مضى وعاد فأكل منه، وقوله في خبرنا: "وإن أكل منه لا تأكل" يعني: إذا اتصل الأكل بالقتل.

وجواب آخر: وهو أنا نقابل خبرنا بخبرهم وخبرنا أولى لأنه أحوط، ولأن خبرنا يحرم وخبرهم يبيح، وخبرنا ناقل عن إباحة إلى تحريم فإنا حرمنا ما اصطاد بعد الحكم بإباحة أكله (٢).

واحتج: بما ذكره أحمد - في رواية الأثرم - أن أربعة من الصحابة يقولون: كل: سعد (٣)، وابن عمر، وأبو هريرة، وسلمان (٤) (٥).


= وجمعها كلبات، ولا تكسر.
ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر (٤/ ١٩٥)، لسان العرب (١/ ٧٢٢).
(١) ينظر: الحاوي الكبير (١٥/ ٨)، المجموع (٩/ ١٠٤).
(٢) ينظر: المغني (٩/ ٣٧٧) الشرح الكبير على متن المقنع (١١/ ٣٦).
(٣) سبقت ترجمته (١/ ٢٤٠).
(٤) هو سلمان الخير الفارسي، أبو عبد الله ابن الإسلام، أصله من أصبهان، وقيل: من رامهرمز. أسلم عند قدوم النبي المدينة، وأول مشاهده الخندق (روى له البخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه)، روى عن: النبي ، وروى عنه: أنس بن مالك، وجندب الأزدي، وحارثة بن مضرب، وأبو ظبيان حصين بن جندب الجنبي، وأبو سعيد سعد بن مالك الخدري، وغيرهم، قال النبي لأبي الدرداء: "سلمان أفقه منك"، وقال ابن عبد البر: يقال إنه شهد بدرا، وكان عالما زاهدا، (مات سنة ٣٦ هـ).
ينظر: تهذيب الكمال (١١/ ٢٤٥)، الإصابة في تمييز الصحابة (٣/ ١١٨).
(٥) ينظر: الذخيرة (٤/ ١٧١)، مواهب الجليل (٣/ ٢٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>