للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بدلالة ما روي في بعض الألفاظ: "فإني أخاف أن يكون أمسك على نفسه"، وهذا كما قال : "إذا استيقظ أحدكم من منامه … " إلى قوله: "فإنه لا يدري أين باتت يده" (١).

قيل: ليس في قوله: "فإني أخاف" ما يمنع تحريمه، ألا ترى أنه قال: "وإن وقع في ماء فلا تأكل فلعل الماء قتله" ولم يمنع ذلك تحريمه. ولا يصح حمله على الاستحباب لأن في الخبر تعليلا وهو قوله: "إنما أمسك على نفسه".

وأيضًا كل ما كان شرطا في إباحة الأكل في ابتداء الصيد وجب أن يكون شرطا في الإباحة في استدامته كالاسترسال، ولا يلزم عليه تكرار ترك الأكل لأنه شرط في الإباحة في الابتداء على ما ذكرنا فيما قبل.

وإن شئت قلت: ترك الأكل معنى شرط في إباحة الصيد الأول فكان شرطا فيما بعده.

ليله: الإرسال، ولأن الذكاة التي هي عقر الكلب يعتبر فيها القصد وهو أن يمسكه على صاحبه.

بدليل أنه: لو استرسل بنفسه لم يحل أكله، فاعتبر فيها عقر من غير أكل؛ لأنه إذا أكل فما أمسكه على صاحبه فلم يوجد القصد فلم تكن ذكاة، لأنه كلب أكل من صيده حال الاصطياد أشبه إذا استرسل بنفسه وزجره صاحبه فانزجر.

وليس لهم أن يقولوا أنه: لو لم يأكل لم يبح أكله؛ لأنه مباح عندنا، وأيضا فإن أكله يحتمل أن يكون لشدة الجوع، ويحتمل نسيان التعليم، والحظر والإباحة إذا تعارضا غلب الحظر (٢).

واحتج المخالف: بما روى أحمد - في مسائل عبد الله - بإسناده عن عبد الله بن عمرو (٣) أن أبا ثعلبة الخشني قال للنبي : إن لي كلابًا مكلبة (٤) فأفتني في صيدها. قال:


(١) أخرجه البخاري من حديث أبي هريرة في كتاب الوضوء، باب الاستجمار وترا، رقم (١٦٢) ومسلم في كتاب الطهارة، باب كراهة غمس المتوضئ وغيره يده المشكوك في نجاستها في الإناء قبل غسلها ثلاثا في (٢٧٨).
(٢) ينظر: مسائل الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه (٨/ ٣٩٧٤)، مختصر الخرقي (١/ ١٤٣)، المغني (٩/ ٣٧٢)، الشرح الكبير على متن المقنع (١١/ ٣١).
(٣) سبقت ترجمته (١/ ٨٧).
(٤) المكلبة: المسلطة على الصيد، المعودة بالاصطياد، التي قد ضريت به. والمكلب، بالكسر: صاحبها، والذي يصطاد بها. وذو الكلب: رجل؛ سمي بذلك لأنه كان له كلب لا يفارقه. والكلبة: أنثى الكلاب، =

<<  <  ج: ص:  >  >>