للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قيل: وها هنا أمر بقتله وذلك يمنع تعليمه، ولأن علة هذا أيضا معلومة وهو كونه شيطانا، وأيضا فإنها بهيمة ورد الشرع بقتلها فأثر فيما كان مباحا منها (١)، دليله الموطوءة لما أمر الشرع بقتلها حرم أكلها، كذلك ها هنا يجب أن يحرم أكل صيدها، فإن منعوا الأصل دللنا عليه بالخبر وهو قوله: "اقتلوه واقتلوها" (٢)، وأيضا فإن المقدور عليه ينقسم بالآلة التي تحصل الذكاة بها مع وجود المقصود منها، فمنها ما لا يجوز الذكاة كالسن والظفر، ومنها ما يجوز: يجب أن ينقسم في غير المقدور عليه مع وجود المقصود منها، وصيدهم لا ينقسم، وأيضا فإنه حيوان ورد الشرع بقتله فأثر في صيده، دليله: المرتد ولا يلزم عليه من وجب قتله قصاصا (٣).

واحتج المخالف بقوله تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ﴾ إلى قوله: ﴿وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ﴾ [المائدة: ٤]، وقول النبي : "إذا أرسلت كلبك المعلم فكل" (٤) (٥).

والجواب: أن هذا عام فنحمله على غير الكلب الأسود، بدليل ما ذكرنا (٦).

واحتج بأنه جارحة معلومة أشبه سائر الكلاب (٧).

والجواب: أنه لا يمتنع أن يتفقا في التعليم ويختلفا في الإباحة، كالمسلم والمجوسي اتفقا في الإرسال والتسمية واختلفا في الإباحة، وعلى أنا قد بينا أن هذا التعليم ممنوع منه،


(١) ينظر: الشرح الكبير (١١/ ٢٤)، الإنصاف (١٠/ ٣٢١).
(٢) أخرجه أبو داود في كتاب الحدود، باب فيمن أتى بهيمة رقم (٤٤٦٤)، والترمذي في أبواب الحدود، باب ما جاء فيمن يقع على البهيمة رقم (١٤٥٥) وقال الترمذي: هذا حديث لا نعرفه إلا من حديث عمرو بن أبي عمرو، عن عكرمة، عن ابن عباس. وصححه الألباني.
ينظر: البدر المنير (٨/ ٦٠٨)، التلخيص الحبير (٤/ ١٦٠).
(٣) ينظر: المغنى (٩/ ٣٧٣)، الشرح الكبير (١١/ ٢٥)، شرح الزركشي (٦/ ٦١٦).
(٤) أخرجه البخاري من حديث عدي بن حاتم بزيادة لفظة (فقتل فكل) في كتاب الوضوء، باب الماء الذي يغسل به شعر الإنسان رقم (١٧٥)، وأخرجه مسلم بزيادة لفظة (وذكرت اسم الله عليه فكل) في كتاب الصيد والذبائح وما يؤكل من الحيوان، باب الصيد بالكلاب المعلمة (٣/ ١٥٢٩) رقم (١٩٢٩).
(٥) ينظر: البحر الرائق (٨/ ٢٥١)، الذخيرة (٤/ ٢١٧٠)، فتح العزيز شرح الوجيز (١٢/ ٣).
(٦) ينظر: الشرح الكبير على متن المقنع (١١/ ٢٥)، شرح الزركشي (٦/ ٦١٦).
(٧) ينظر: البحر الرائق (٨/ ٢٥١)، الذخيرة (٤/ ٢١٧٠)، فيتح العزيز شرح الوجيز (١٢/ ٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>