للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قيل: هذا الخبر كان في صدر الإسلام ونسخ (١).

قيل: مدعي النسخ يحتاج إلى دليل.

فإن قيل: فمسألة الخلاف في الأسود الذي حكم بصحة تعليمه.

قيل: لا يمنع من صيده كالكلب العقور.

فإن قيل: الأمر بقتله.

قيل: الكلب العقور لا يصح صيده؛ لأنه لا يصح تعليمه؛ لأن التعليم (٢) إذا أرسل استرسل وإذا زجر انزجر، وهذا لا يوجد فيه؛ لأن عقره منع من ذلك، وأيضا فإن النبي قد أخبر أن الكلب الأسود شيطان بطريق حديث أبي ذر: "الكلب الأسود يقطع الصلاة". قيل: يا أبا ذر (٣) فما بال الأسود من الأصفر! فقال: سألت النبي ، فقال: "الكلب الأسود شيطان" (٤). وإذا ثبت أنه شيطان فنقول: هذا صيد قتله الشيطان فكان محرما (٥).

دليله: لو سلك الشيطان في صيد فحفظه حتى قتله وهذا يعلم من جهة الظاهر كما قال تعالى: ﴿لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ﴾ [البقرة: ٢٧٥]، وأيضا فإنه صيد كلب أسود فلا يباح أكله (٦).


(١) ينظر: فتح القدير (١/ ٤٠٥)، المجموع شرح المهذب (٣/ ٢٥١).
(٢) معناه: أن حقيقة التعليم في الكلب.
(٣) سبقت ترجمته (١/ ١٢٦).
(٤) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب قدر ما يستر المصلي، رقم (٥١٠)، وأبو داود في كتاب الصلاة تفريع أبواب السترة، باب ما يقطع الصلاة رقم (٧٠٢) والترمذي في أبواب الصلاة، باب ما جاء: أنه لا يقطع الصلاة إلا الكلب والحمار والمرأة رقم (٣٣٨) وقد قال الإمام الترمذي: حديث حسن صحيح، وقال أيضا: قال أحمد: الذي لا أشك فيه أن الكلب الأسود يقطع الصلاة، وفي نفسي من الحمار والمرأة شيء. وقال ابن الجوزي في التحقيق: وإنما قال أحمد ذلك لأنه صح عن عائشة أنها قالت: كان رسول الله يصلي، وأنا معترضة بين يديه، كاعتراض الجنازة، وصح عن ابن عباس أنه قال: أتيت رسول الله ، وهو يصلي، فنزلت عن الحمار، وتركته أمام الصف، فما بالاه، ولم يجد في الكلب شيئا، وعبد الله بن الصامت ابن أخي أبي ذر الغفاري، فيه لين، وكذلك أعرض البخاري عن حديثه، قال أبو حاتم: يكتب حديثه.
ينظر: نصب الراية، للزيلعي (٢/ ٧٨) تنقيح التحقيق (١/ ١٨٦)، الدراية في تخريج أحاديث الهداية (٢/ ٧٨).
(٥) ينظر: الشرح الكبير (١١/ ٢٤)، الإنصاف (١٠/ ٣٢١).
(٦) ينظر: الشرح الكبير (١١/ ٢٤)، الإنصاف (١٠/ ٣٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>