للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سواء؛ لأنه كلامهم ولغتهم فعلم أن المراد به ما ذكرنا (١).

قيل: يجوز تعليم الاسم منه، ويكون المقصود به: الناس فيهم الذي لم يكثر سماعه للكلام واستعماله للغة العرب أو لم يخالطهم من الفرس والعجم، ولأن الاستعمال قد يغلب على اسم النوع دون الاسم العام، فيخفى على قوم فهم الاسم العام، كما يكون للشيء الواحد أسماء كثيرة ويكون الاستعمال لبعضها، فيخفى الباقي على قوم فيهم.

وعلى أنا نرى أهل مكة في هذا الوقت يحتاجون إلى تعليم أشياء كثيرة من الأعراب وهم لا يعرفون الصواب منها وإن كان لغة العرب هو الصواب، وتراهم لا يحيطون بجميع اللغة ويحتاجون إلى تعليم كثير منها (٢).

ويدل على صحة هذا: ما روى أبو داود بإسناده عن أبي موسى الأشعري (٣) أنه قال: سألت رسول الله عن شراب من العسل؛ قال: "ذاك البتع (٤) ".

قلت: [وينتبذ] (٥) من الشعير والذرة. قال: "ذلك المزر (٦) "، ثم قال: "أخبر قومك أن كل مسكر حرام" (٧)، وهذا إعلام من الرسول أنه يسمى بتعًا ومزرًا (٨).


(١) ينظر: الهداية (٤/ ٣٩٣)، البناية (١٢/ ٣٤٤)، درر الحكام شرح غرر الأحكام (٢/ ٨٦).
(٢) ينظر: المغني (٩/ ١٦٠)، العدة (١/ ٦٠٢)، الحاوي الكبير (١٣/ ٣٩١)، البيان (١٢/ ٥٢١).
(٣) هو عبد الله بن قيس بن سليم، من الأشعريين، ومن أهل زبيد باليمن. صحابي من الشجعان الفاتحين الولاة.
قدم مكة عند ظهور الإسلام، فأسلم، وهاجر إلى الحبشة. واستعمله النبي على زبيد وعدن. وولاه عمر بن الخطاب البصرة سنة (١٧ هـ)، فافتتح أصبهان والأهواز، ولما ولي عثمان أقره عليها، ثم ولاه الكوفة. وأقره علي، ثم عزله. ثم كان أحد الحكمين بين علي ومعاوية، وبعد التحكيم رجع إلى الكوفة وتوفي بها سنة (٤٤ هـ).
ينظر: الإصابة (٤/ ١٨١)، غاية النهاية في طبقات القراء لابن الجزري (١/ ٤٤٢).
(٤) البتع: نبيذ العسل ينبذ حتى يشتد.
ينظر: الفائق في غريب الحديث والأثر (١/ ٧٢)، النهاية في غريب الأثر (١/ ٢٢٧)، شمس العلوم (١/ ٤١٧)، لسان العرب (٨/ ٤).
(٥) في الأصل: (ينبذون)، والمثبت من السنن هو الصواب.
(٦) المزر: من البر والشعير والذرة ينبذ حتى يشتد.
ينظر صحيح مسلم بشرح النووي (٣/ ١٥٨٦)، الفائق في غريب الحديث والأثر (٣/ ٢٣٨)، النهاية في الأثر (٤/ ٦٨٨).
(٧) أخرجه أبو داود في كتاب الأشربة باب النهي عن المسكر رقم (٣٦٨٦)، وعبد الرزاق في المصنف رقم (١٣٥٥٥)، وأصله في الصحيحين.
(٨) ينظر: الكافي في فقه أهل المدينة (١/ ٤٤٢)، الحاوي (١٣/ ٣٩٤)، المجموع شرح المهذب (٥/ ٤٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>