للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال في رواية موسى بن عيسى الموصلي (١) عنه في المشرك إذا قذف مسلما يضرب (٢)، وكذلك نقل الميموني (٣) في الرجل من أهل الكتاب يقذف العبد المسلم ينكل به بضرب ما يرى الحاكم، وكذلك نقل عبد الله في نصراني قذف مسلما عليه الحد، وظاهر هذا أنه لم يجعله ناقضا للعهد بقذف المسلم مع ما فيه من إدخال الضرر عليه بهتك عرضه (٤).

وقال أبو حنيفة: لا ينقض عهدهم بشيء من ذلك إلا أن يكون لهم منعة فيمتنعون على الإمام ويمنعون الجزية، ولا يمكنه إجراء الأحكام عليهم، فأما إذا امتنع الواحد منهم عن أداء الجزية، أو فعل شيئا من هذه الأشياء التي فيها ضرر على المسلمين أو غضاضة في الإسلام لم يصر ناقضا للعهد (٥).

وقال الشافعي: إن امتنع من فعل ما يجب عليه وهو بذل الجزية وجري أحكامنا عليه انتقض أمانه وإن امتنع من فعل ما يجب تركه نظرت، فإن لم يكن مشروطا في العقد لم ينتقض وجها واحدا، وإن كان مشروطا في العقد فعلى وجهين. وأما الأشياء الثلاثة فعلى وجهين:

أحدهما: الحكم فيها كالحكم فيما يجب فعله (٦).

والثاني: أنها كالأشياء التي يجب تركها على التفصيل (٧).

فالدلالة على نقض العهد بالامتناع: من بذل الجزية وجريان أحكامنا قوله تعالى: ﴿قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾ إلى قوله: ﴿حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ


(١) هو موسى بن عيسى بن نجاد بن عيسى، أبو عمران الموصلي، الفقيه، الصالح، خطيب بيت لهيا. روى عن ابن اللتي وجعفر الهمداني، روى عنه ابن العطار ومات في عشر الثمانين. نقل عن الإمام أحمد أشياء: منها قال: قال أحمد في مشرك قذف مسلما: يضرب. توفي سنة (٦٧٤ هـ).
ينظر: طبقات الحنابلة (١/ ٣٣٣)، تاريخ الإسلام (١٥/ ٢٨٤).
(٢) لم أقف عليها بعد البحث، ينظر: الكافي في فقه الإمام أحمد (٤/ ١٨٥)، الشرح الكبير لابن قدامة (١٠/ ٦٣٥).
(٣) سبقت ترجمته (١/ ١٨٥).
(٤) ينظر: مسائل الإمام أحمد رواية ابنه عبد الله رقم (١٥٣٦)، الكافي في فقه الإمام أحمد (٤/ ١٨٥)، الشرح الكبير، لابن قدامة (١٠/ ٦٣٥).
(٥) ينظر: تبيين الحقائق (٣/ ٢٨١)، البحر الرائق (٥/ ١٢٤)، الدر المختار (٤/ ٢١٣)، اللباب في شرح الكتاب (٤/ ١٤٧).
(٦) ينظر: نهاية المطلب (١٨/ ٣٧)، المجموع (١٩/ ٤٢٣).
(٧) ينظر: المراجع السابقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>