للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾ [التوبة: ٢٩]، فأمر بالكف عن قتالهم بإعطاء الجزية فإذا امتنع من إعطاء الجزية يجب أن يكون ممن أمر بقتاله (١).

فإن قيل: معناه حتى يضمنوا إعطاء الجزية (٢).

قيل: قوله: ﴿حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾ [التوبة: ٢٩] يقتضي فعل العطاء دون الضمان، ولأنا قد أجمعنا على أن الضمان لابد منه في عقد الذمة فثبت أن المراد بها: العطاء والضمان جميعًا فإذا ضمنوا وامتنعوا من العطاء لم يحصل الشرط فحل دمه، وأيضا فإنه عقد أمان فوجبَ أن ينتقض بالمخالفة فيما يعقد به كالهدنة، وكل ما كان نقضا للعهد، أو وجد من العدد الكثير كان نقضا للعهد إذا وجد من العدد اليسير.

أصله: خيانة أهل الهدنة فإنها لما كانت نقضا للعهد إذا وجد من العدد الكثير كانت نقضا للعهد إذا وجد من العدد اليسير (٣).

فإن قيل: لا يجوز اعتبار عقد الذمة بالهدنة؛ لأن الذمة أكد من الهدنة.

بدليل: أن أهل الهدنة إذا علموا بخيانة من خان فسكتوا عن الإنكار عليه صاروا ناقضين للعهد، وأهل الذمة إذا علموا بمن خان منهم وسكتوا عنه لم يكونوا ناقضين للعهد، وكذلك إذا خاف من أهل الهدنة الخيانة كان له أن ينبذ إليهم عهدهم ويقاتلهم، ولا يجوز إذا خاف من أهل الذمة الخيانة أن ينبذ إليهم عهدهم وينقض ذمتهم (٤).

قيل: هما سواء في فعل العدد الكثير مع وجود هذا الفرق (٥).

فإن قيل: أليس قد فرقتم في أهل البغي بين العدد اليسير والعدد الكثير، كذلك لا يمتنع مثله ها هنا (٦).


(١) ينظر: الكافي في فقه الإمام أحمد (٤/ ١٨٤)، المبدع في شرح المقنع (٣/ ٣٨٩).
(٢) ينظر: نهاية المطلب (١٨/ ٣٧)، المجموع (١٩/ ٤٢٦).
(٣) ينظر: الكافي في فقه الإمام أحمد (٤/ ١٦٩)، والشرح الكبير على متن المقنع (١٠/ ٥٨٣).
(٤) ينظر: نهاية المطلب (١٨/ ٣٧)، المجموع (١٩/ ٤٢٦).
(٥) ينظر: تبيين الحقائق (٣/ ٢٨١)، البحر الرائق لابن نجيم (٥/ ١٢٤)، الدر المختار (٤/ ٢١٣).
(٦) ينظر: نهاية المطلب (١٨/ ٣٧)، المجموع (١٩/ ٤٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>