للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قيل: قد بينا أن إطلاق المسجد المراد به: جملة الحرم وإن في سياق الآية ما دل على أن المراد به الحرم وهو قوله: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا﴾ وإن هذا لا يختص المسجد وعلى أن عندهم لا يمنع الكافر من دخول المسجد الحرام وقد استوفينا الكلام على هذه الأسئلة في هذه الآية في كتاب الصلاة في دخول الكافر المسجد الحرام (١).

وروى ابن عباس قال: أوصى رسول الله بثلاثة أشياء، قال: "أخرجوا المشركين من جزيرة العرب، وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم". وسكت عن الثالث (٢).

وروى عمر عن النبي أنه قال: "لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب، ولا أدع أن ينزلها إلا مسلما" (٣) وأجلاهم. وروت عائشة عن النبي قال: "لا يجتمع دينان في جزيرة العرب" (٤)، وعن عمر أنه أجلى أهل الذمة من الحجاز (٥) فلحق بعضهم سواد الكوفة وبعضهم سواد الشام وإنما فعله عمر امتثالا لأمر النبي


(١) ينظر: الكافي لابن قدامة (٤/ ١٧٤) الشرح الكبير، لابن قدامة (١٠/ ٦٢١)، الفروع (١٠/ ٣٤٢).
(٢) أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير، باب: هل يستشفع إلى أهل الذمة ومعاملتهم؟ رقم (٣٠٥٣) ومسلم في كتاب الوصية، باب ترك الوصية لمن ليس له شيء يوصي فيه رقم (١٦٣٧).
(٣) أخرجه مسلم في كتاب الجهاد والسير، باب إخراج اليهود، والنصارى من جزيرة العرب؟ رقم (١٧٦٧) وآخر الحديث عنده: حتى لا أدع إلا مسلما، وأبو داود في كتاب الخراج والإمارة والفيء، باب في إخراج اليهود من جزيرة العرب رقم (٣٠٣٠) وآخر الحديث عنده:
فلا أترك فيها إلا مسلما، والترمذي في أبواب السير عن رسول الله ، باب ما جاء في إخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب رقم (١٦٠٧) وآخر الحديث عنده: فلا أترك فيها إلا مسلما، وقال: حسن صحيح.
(٤) رواه أحمد في مسنده (٢٦٣٥٢) بإسناده عن ابن إسحاق، قال: وحدثني صالح بن كيسان، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن عائشة، قالت: كان آخر ما عهد رسول الله أن قال "لا يترك بجزيرة العرب دينان". ابن إسحاق هو محمد وقد صرح بالتحديث عن صالح بن كيسان، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين. وأخرجه الطبري في "تاريخه " ٣/ ٢١٤ - ٢١٥، والطبراني في "الأوسط" (١٠٧٠) من طريق محمد بن سلمة، كلاهما، عن محمد بن إسحاق، بهذا الإسناد. قال الهيثمي في "المجمع" ٥/ ٣٢٥: رواه أحمد، والطبراني في "الأوسط"، ورجال أحمد رجال الصحيح، غير ابن إسحاق، وقد صرح بالسماع.
(٥) أخرجه مالك في كتاب الجامع، ما جاء في اليهود رقم (٣٣٢٣) والبيهقي في الكبرى جماع أبواب الشرائط التي يأخذها الإمام على أهل الذمة، وما يكون منهم نقضا للعهد، باب لا يسكن أرض الحجاز مشرك رقم (١٨٧٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>