للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مكحول (١) عن عنبسة (٢). قال: فجئت إلى يحيى فذكرت ذلك له فقال: مكحول لم ير عنبسة (٣).

قيل: قوله: "لا يصح هذا الحديث" لا يقبل منه حتى يبين الوجه الذي لا يصح لأجله، وعلى أنه إن لم يصححه يحيى فقد رواه وصححه من هو أجل منه وأحفظ وهو أحمد، وصدره في أول كتاب الأشربة، فرواه في أثناء الكتاب من طرق (٤).

فإن قيل: فيروى ذلك موقوفا على ابن عمر (٥).

قيل: روايته مسندًا وموقوفًا تدل على قوته وتؤكد صحته؛ لأن من عنده توقيف عن النبي يرويه مرة مسندا ومرة يفتي به (٦).

فإن قيل: قوله: "كل مسكر خمر"، المراد به (٧): الشدة التي يحدث عقيبها السكر فسماها خمرا على طريق التشبيه بها؛ لأنها تعمل عملها في توليد السكر وإيجاب الحد


(١) هو مكحول بن عبد الله الشامي، أبو عبد الله، الفارسي الأصل، الكابلي المولد، أقام بدمشق فكان من حفاظ الحديث، وسمع أنس بن مالك، وواثلة بن الأسقع، قال فيه الزهري: "العلماء أربعة: سعيد بن المسيب بالمدينة، والشعبي بالكوفة، والحسن البصري بالبصرة، ومكحول بالشام"، توفي سنة (١١٢ هـ).
ينظر: وفيات الأعيان (٥/ ٢٨١)، الأعلام (٧/ ٢٨٤).
(٢) هو عنبسة بن أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية، أبو عامر، أخو أم حبيبة زوج النبي وقد روى عنها، وروى عنه: مكحول، وعمرو بن أوس الثقفي الطائفي، وكان أخوه معاوية يوليه ويعتمد عليه، وآخر ما وليه إمرة مكة، وتوفي بالطائف نحوا من سنة (٥٠ هـ).
ينظر: تاريخ دمشق: (٤٧/ ١٥)، الأعلام (٥/ ٩١).
(٣) ينظر: تاريخ ابن معين (٤/ ٤٣٩)، تنقيح التحقيق في أحاديث التعليق (١/ ٢٧٠)، وقد ذكر هذه الرواية الذهبي ثم علق عليها بقوله: وهذا لا يثبت عن ابن معين في: تنقيح التحقيق في أحاديث التعليق (١/ ٦٢)، وهذا ما قاله ابن الجوزي أيضا في التحقيق لأحاديث الخلاف (١/ ١٨٢).
(٤) انظر: كتاب الأشربة للخلال (ص ٢٧، ٢٨، ٣٣، ٣٧، ٤٢، ٤٣، ٤٤، ٤٩).
(٥) ينظر البناية (١٢/ ٣٤٦)، تبيين الحقائق (٦/ ٤٤).
(٦) ويؤيد هذا أن ابن عمر قال بعد رفعه الحديث مسندا للنبي : ولا أعلمه إلا ما عن النبي ".
ينظر: الجمع بين الصحيحين لابن أبي نصر (٢/ ٢٤٢)، نصب الراية، (٤/ ٢٩٥).
(٧) قال ابن عبد البر في الاستذكار (٨/ ٢٣): اتفق علماء المسلمين أنه لا خلاف في صحة قوله : "كل مسكر خمر"، إلا أنهم اختلفوا في تأويله، فقال فقهاء الحجاز وجماعة أهل الحديث: أراد جنس ما يسكر، وقال فقهاء العراق: أراد ما يقع به السكر عندهم. قالوا كما لا يسمى قاتلا إلا مع وجود القتل، وهذا التأويل ترده الآثار الصحاح عن النبي وعن الصحابة الذين هم أهل اللسان.

<<  <  ج: ص:  >  >>