للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجواب: أن هذا محمول على غير مسألتنا بما ذكرنا، وعلى أن الزعيم هو الكفيل، وهذا لم يتكفل بشيء، ولأن من عقد عقدا لزمه عوضه لا يقال أنه زعيم به؛ لأن وجوبه لا يقف على ضمانه (١).

واحتج بأنه: مال يجب على الكافر أداؤه في حال كفره؛ فوجب أن لا يسقط بإسلامه كالديون، وقولنا: يصح أداؤه في حال كفره. احتراز من الزكاة؛ فإنها حق مال يجب على الكافر على الظاهر من قول أصحابهم وإنهم مخاطبون بالعبادات بأن الزكاة لا يصح أداؤها في حال كفره (٢)، وقولنا: فلا يسقط بإسلامه احتراز من الكافر إذا تزوج مجوسية بمهر معلوم، وأسلم قبل الدخول أنه يسقط عنه نصفه؛ لأنه لم يسقط بإسلامه، وإنما سقط بوقوع الفرقة كما يسقط إذا طلقها أو ارتدا وهما مسلمان، وربما قالوا: مال وجب على الكافر بالالتزام؛ فلم يسقط عنه بالإسلام (٣). دليله: الديون.

والجواب: أنا لا نسلم أنه قد وجب، بل نقول هو مراعًا؛ فإن أسلم بينا أنه لم يجب على أن العلة تبطل بامرأة الكافر إذا أسلمت قبل الدخول فإنه يسقط مهرها، وقولهم: لا يسقط بالإسلام، وإنما يسقط بالفرقة مثله.

نقول ها هنا: لا تسقط الجزية بالإسلام، وإنما تسقط بحقن دمه؛ لأنه بالإسلام حقن دمه؛ ففي هذا الجواب قول يوجب العلة وهو صحيح؛ لأنه بدل عن القتل، فإذا سقط القتل لم يلزمه بدله على أن سائر الديون يجوز أن تجب بعد الإسلام؛ فجاز أن لا تسقط بالإسلام، وليس كذلك الجزية؛ لأنها عقوبة لا تجب بعد الإسلام فسقطت بالإسلام، كالقتل المستحق بالكفر، ولا يلزم على علة الفرع الرق أنه لا يجب بعد الإسلام، ولا يسقط بالإسلام؛ لقولنا: عقوبة وقد بينا أنه ليس بعقوبة، ولأن الديون يمكن أخذها بعد الإسلام على الوجه الذي وجبت، وليس كذلك الجزية؛ لأنها مأخوذة على وجه الصغار، ولا يمكن أخذها بعد الإسلام على ذلك الوجه؛ فيجب أن لا تؤخذ (٤).


(١) ينظر: المغني (١٠/ ٥٧٨)، العدة شرح العمدة ص (٦٥٦).
(٢) ينظر: الحاوي الكبير (١٤/ ٣١٣)، المجموع شرح المهذب (١٩/ ٤٠٠).
(٣) ينظر: مسائل الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه (٤/ ١٨١٢)، المغني (١٠/ ٥٧٨).
(٤) ينظر: المغني (٩/ ٣٤٢) الشرح الكبير، لابن قدامة (١٠/ ٦٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>