للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قيل: الجزية وإن كانت تؤخذ على وجه العقوبة في حال الكفر فإنها تؤخذ بعد إسلامه على وجه المحبة، لا على وجه العقوبة، كما يقول في الحد الذي يجب ابتداء يكون على وجه العقوبة، فإذا تاب استوفى منه على طريق المحبة، وكذلك المرض والسقم امتحانا لا عقوبة (١).

قيل: لا يجوز أن تجب جزية ولا حد على طريق المحبة من غير أن يوجد سببه، ومن ادعى هذا يحتاج إلى دليل، وأيضا فإنها جزية فلا تؤخذ من المسلم، دليله: الجزية المبتدأة (٢).

فإن قيل: لا يمتنع أن لا تجب ابتداء، وتجب بأمر سابق كالاسترقاق يستدام ولا يبتدأ وخراج الأرضين (٣).

قيل: أما خراج الأرضين فيسقط بالإسلام، فخراج الرءوس - وسنبينه فيما بعد -، وأما الاسترقاق فقد بينا أنه لا يجب على طريق العقوبة، وأيضا فإن الجزية تؤخذ على وجه الصغار (٤).

بدليل قوله تعالى: ﴿حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾ [التوبة: ٢٩]، وبعد الإسلام لا يجري عليه الصغار، وإن منعوا الوصف وقالوا: يجب على طريق العوض. فقد أجبنا عنه.

واحتج المخالف: بما روي عن النبي قال: "الزعيم غارم" (٥). وهذا قد ضمن هذه الجزية؛ فوجب أن يغرمها (٦).


(١) ينظر: تبيين الحقائق (٣/ ٢٤٩)، المدخل لابن الحاج (٣/ ٣).
(٢) ينظر: الكافي في فقه الإمام أحمد (٤/ ١٧٤)، المغني (١٠/ ٥٧٨).
(٣) ينظر: تبيين الحقائق (٣/ ٢٤٩)، المدخل لابن الحاج (٣/ ٣).
(٤) ينظر: المغني (٩/ ٣٦٤)، الشرح الكبير لابن قدامة (١٠/ ٦٠٦).
(٥) أخرجه أبو داود في أبواب الإجارة، باب في تضمين العور، برقم (٣٥٦٥)، والترمذي في أبواب البيوع، عن رسول الله ، باب ما جاء في أن العارية مؤداة، برقم (١٢٦٥)، وابن ماجه في سننه في كتاب الصدقات، باب الكفالة، برقم (٢٤٠٥)، من حديث أبي أمامة الباهلي ، وقال الترمذي: حديث حسن.
(٦) ينظر: الحاوي الكبير (١٤/ ٣١٣)، المجموع شرح المهذب (١٩/ ٤٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>