للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بدليل: أن المستأمن في دار الإسلام إذا أقام أكثر من حول وجبت عليه الجزية، وإن لم يجز قتله.

وبدليل: أن الذمي لو خرج تاجرا إلى دار الحرب فأقام بها حولا لم تسقط جزيته، وإن لم توجد المساكنة (١).

فإن قيل: فالعلة منتقضة بالاسترقاق؛ فإنها عقوبة (٢).

بدليل: أنه يزيل ملكه عن نفسه وماله وزوجته، ومع هذا فلا يسقط بالإسلام، وكونه جاريا على النساء والصبيان لا يخرجه عن أن يكون عقوبة؛ لأنهم يجرون في الاسترقاق مجرى آبائهم على طريق التبع، وهذا لا يدل على أنه غير موضوع على وجه العقوبة في الأصل، ألا ترى أن ترك الصلاة على الكفار عقوبة لهم وإن كان أولادهم يجرون في ذلك مجراهم.

قيل: كون الاسترقاق مزيلا لملكه عن ماله ونفسه وزوجته لا يدل على أنه عقوبة (٣).

بدليل أن هذا المعنى يثبت في حق النساء والصبيان وليسا من أهل العقوبة، ألا ترى أن الشهيد والسقط لا يصلي عليه ولا يكون ذلك عقوبة، وكذلك الميت إذا دفن وأتى عليه زمان طويل (٤).

فإن قيل: استرقاق النساء والصبيان يخالف استرقاق الرجال؛ لأن النساء والصبيان يصيرون مالا للمسلمين بنفس السبي، والرجال الإمام فيهم بالخيار بين القتل والاسترقاق (٥).

قيل: لو كان الرق عقوبة لم يلحقهم ذلك بنفس السبي؛ لأنهم ممن لا تلحقهم العقوبة (٦).

فإن قيل: القتل يجب استيفاؤه للإصرار على الكفر؛ فإذا أسلم لم يكن مصرا على


(١) ينظر: المغني (٩/ ٣٣١)، المبدع في شرح المقنع (٣/ ٣٦٤).
(٢) ينظر: تبيين الحقائق (٣/ ٢٤٩)، المدخل لابن الحاج (٣/ ٣).
(٣) ينظر: المبدع في شرح المقنع (٣/ ٣٥٥)، المغني (٩/ ٣٣٨).
(٤) ينظر: الكافي في فقه الإمام أحمد (٤/ ١٧٣)، المغني (٩/ ٣٣٨).
(٥) ينظر: تبيين الحقائق (٣/ ٢٤٩)، المدخل لابن الحاج (٣/ ٣).
(٦) ينظر: الإنصاف (٤/ ٩٧)، المبدع شرح المقنع (٣/ ٢٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>