للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكفر في الدار، والموسر والمعسر في ذلك سواء؛ فاستويا في الوجوب" (١).

قيل: علة الفرع تبطل بالعبد؛ فإنه تسقط الجزية في حقه بعسرته، وإن كان وجوبها للمعنى الذي ذكروا، ولأن الجزية وإن كانت تجب لهذا المعنى فهو من حقوق الأموال، وحقوق الأموال التي يتعلق بها حق الله تعالى لا يستوي فيها الغني والفقير كالزكاة، ولأنه عاجز عن الكسب فلا يجب عليه جزية كالمرأة (٢).

فإن قيل: الجزية تجب لحقن الدم، والمرأة محقونة الدم (٣).

قيل: الجزية لحقن الدم والمال والمرأة لحقن مالها بالدم، وأيضا فإنه مال يجب بحول الحول فلا يجب على الفقير.

دليله: الزكاة والدية، ولا يلزم عليه صدقة الفطر؛ لأنها لا تجب بحول الحول؛ بدليل أنه لو ملك عبدا قبل الهلال بساعة، ثم أهل الهلال لزمه أن يخرج عنه (٤).

فإن قيل: الزكاة تجب عندنا على الفقير، وقد لا تجب على الغني؛ لأن من ملك مائتي درهم وليس في فضلها كفايته فهو فقير، ويلزمه الزكاة، ويأخذ الزكاة، ولو ملك ألف دار ودكان فهو غني ولا زكاة عليه (٥).

قيل: نريد بقولنا أنها لا تجب على الفقير الذي لا يملك مائتي درهم؛ لأنه غني بها (٦).

فإن قيل: الزكاة لا تجب على الفقير المعتمل، ولا على من له عقار وحمير وبغال وعبيد وأثاث، وتجب الجزية بذلك (٧).

قيل: لا يمتنع أن نسوي بين المعتمل والغني في إيجاب الجزية، وإن فرقنا بينهما في الزكاة كما سوينا نحن ومخالفنا بين المكتسب وبين الغني في تحريم الصدقة ولم يسو بين


(١) ينظر: الحاوي الكبير (١٤/ ٣٠١)، كفاية النبيه في شرح التنبيه (١٧/ ١٩).
(٢) ينظر: الكافي في فقه الإمام أحمد (٤/ ١٧٣)، شرح الزركشي (٦/ ٥٧٣).
(٣) ينظر: كفاية النبيه في شرح التنبيه (١٧/ ٣)، المهذب في الفقه الشافعي (٣/ ٣١٠).
(٤) ينظر: المغني (٩/ ٣٤٠)، شرح الزركشي (٦/ ٥٧٣ - ٥٧٤).
(٥) ينظر: كفاية النبيه في شرح التنبيه (١٧/ ٣)، المهذب في الفقه الشافعي (٣/ ٣١٠).
(٦) ينظر: المغني، لابن قدامة (٢/ ٤٩٤)، الكافي في فقه الإمام أحمد (١/ ٤٢٦)، الشرح الكبير، لابن قدامة (٢/ ٦٩٣).
(٧) ينظر: الحاوي الكبير (١٤/ ٣٠٢)، المهذب في فقه الإمام الشافعي (٣/ ٣١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>