للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واحتج: بما روى علقمة بن مرثد (١) أن النبي كان إذا بعث سرية يقول: "اغدوا باسم الله، قاتلوا من كفر بالله، فإذا لقيتم عدوكم من المشركين فادعوهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله، فإن أبوا فادعوهم إلى الجزية، فإن أبوا فناجزوهم، واستعينوا بالله عليهم" (٢)، فأجاز أخذ الجزية من المشركين ولم يخص صنفا منهم من صنف (٣).

والجواب: أن المراد به أهل الكتاب، بدليل أنه لم يبعث سرية ولا جيشا إلى كفار العجم وإنما كان يبعث إلى كفار العرب، وعلى أنه لو كان عاما فحمله على أهل الكتاب أولى من وجهين:

أحدهما: أنه حمل على أمر ثابت بالإجماع (٤) (٥).

والثاني: أن إضمار العجم بيان حكم من نأى عنهم وبعدت ديارهم منهم ولا حاجة بهم في الحال إلى قتالهم؛ لأن العرب حواليهم ولا طريق لهم إليهم، وإذا حملناه على الكفار من أهل الكتاب دخل فيه العرب والعجم جميعا فكان حمله عليهم أولى (٦).

واحتج: بأن كل مشرك جاز أن يقر على كفره بالرق جاز أن يقر عليه بالجزية.

دليله: الكتابي، وعكسه المرتد، وعبدة الأوثان من العجم، ولا يلزم عليه النساء والصبيان؛ لأنهم لا يقرون عليه بالرق، أو على مقرون عليه قبل الاسترقاق (٧).


(١) سبقت ترجمته (١/ ١١١).
(٢) أخرجه مسلم، كتاب الجهاد والسير، باب تأمير الإمام الأمراء على البعوث (٣/ ١٣٥٧) رقم (١٧٣١)، أبو داود في سننه، كتاب الجهاد، باب في دعاء المشركين، (٣/ ٣٧)، رقم (٢٦١٣)، وابن ماجه في سننه، كتاب الجهاد، باب وصية الإمام، (٢/ ٩٥٣) رقم (٢٨٥٨)، والترمذي في سننه، باب ما جاء في النهي عن المثلة (٤/ ٢٢) رقم (١٤٠٨) وقال: حديث حسن صحيح، وقال الألباني: صحيح. ينظر: إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل (٥/ ٨٦).
(٣) ينظر: المدونة (١/ ٥٢٩)، المقدمات الممهدات (١/ ٣٧٦)، بداية المجتهد (٢/ ١٥١).
(٤) ينظر: مراتب الإجماع في العبادات والمعاملات والاعتقادات، لابن حزم الأندلسي، ص ١١٤، الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف (١١/ ٣٠٨).
(٥) ينظر: العدة شرح العمدة (٢/ ٢١٩)، شرح الزركشي (٦/ ٥٦٧).
(٦) ينظر: المراجع السابقة.
(٧) ينظر: المدونة (١/ ٥٢٩)، المقدمات الممهدات (١/ ٣٧٦)، بداية المجتهد ونهاية المقتصد (٢/ ١٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>