للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كتاب ولا شبهة كتاب، فوجب أن لا تقبل منه الجزية كالمرتد والعربي الوثني (١).

فإن قيل: العرب في أذية النبي وعرضوه المفارقة الوطن فغلظ أمرهم، فهذا لا يوجد في العجمي (٢).

قيل: أذية النبي كانت من أهل مكة خاصة، فلم وجب أن يغلظ على جميع العرب وعلى أن قد آذاه اليهود ولم يمنع ذلك من قبول الجزية منهم.

فإن قيل: المعنى في العرب أن لهم حرمة بكون النبي منهم وكذلك المرتد له حرمة الإسلام (٣).

قيل: هذه الحرمة لم تمنع من تساويهم في القتل، وأنه لا كتاب لهم وأنهم لا حرمة لآبائهم؛ ولأن الجزية عقوبة تتعلق بالكفر فاستوى فيها العرب والعجم كالقتل.

يبين صحة هذا: أن سائر العقوبات يستوي فيها العربي والعجمي من المسلمين وأهل الكتاب كذلك ههنا (٤).

واحتج المخالف: بما روي عن النبي قال حين عرض نفسه على القبائل: "هل لكم في كلمة إذا قلتموها دانت لكم العرب وأدت إليكم العجم الجزية" (٥) ولم يخص فهو عام في الجميع (٦).

والجواب: أنه محمول على العجم من أهل الكتاب، وهو أولى من حمله على عبدة الأوثان؛ لأنه ثابت بالإجماع (٧).


(١) ينظر: المغني (٩/ ٢١٢)، شرح الزركشي (٦/ ٥٦٧).
(٢) ينظر: الهداية شرح بداية المبتدي (٢/ ١٦٠)، المبسوط (١٠/ ٧).
(٣) ينظر: المغني (١٠/ ٥٦٣)، شرح الزركشي (٦/ ٥٦٧).
(٤) ينظر: الكافي في فقه الإمام أحمد (٤/ ١٧٤)، شرح الزركشي (٦/ ٥٦٧).
(٥) أخرجه الترمذي من حديث ابن عباس في السنن، أبواب تفسير القرآن عن رسول الله ، باب: ومن سورة ص (٣٢٣٢) وقال: حديث حسن صحيح، والنسائي في "الكبرى" (١١٤٣٧)، وأحمد في مسنده (٥/ ٣٩٤)، وابن أبي شيبة (١٤/ ٢٩٩). والحاكم ٢/ ٤٣٢، وصححه ووافقه الذهبي.
(٦) ينظر: الهداية شرح بداية المبتدي (٢/ ١٦٠)، المبسوط (١٠/ ٧).
(٧) ينظر: الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف، لابن المنذر (١١/ ١٥، ١٦)، الحاوي الكبير (١٤/ ٢٨٤)، شرح الزركشي (٦/ ٥٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>