للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروى ابن فروة بن نوفل الأشجعي (١) قال: علام نأخذ الجزية من المجوس، وليسوا من أهل كتاب فقام إليه المستورد (٢) وأخذ بلحيته وقال: يا عدو الله، تطعن على أبي بكر وعمر وعلي وقد أخذوا منهم الجزية! فذهب به إلى القصر فخرج علي وجلس في ظل القصر، فقال: أنا أعلم الناس بهم، كان لهم علم يعلمونه وكتاب يدرسونه، وإن ملكهم سكر فواقع بنته … وذكر الحديث، إلى أن قال: فأصبحوا وقد أسري بكتابهم، ورفع من بين أظهرهم، وذهب العلم الذي في صدورهم، فهم أهل كتاب، وقد أخذ رسول الله ، وأبو بكر وعمر منهم الجزية (٣).

وروى ابن المنذر عن حذيفة أنه قال: لولا أني رأيت أصحابي أخذوا الجزية من المجوس لما أخذت منهم. وتلا ﴿حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾ [التوبة: ٢٩]، وهذا كله يدل على إجماعهم أنها لا تقبل منه الجزية كالمرتد.

والقياس: أنه وثني ولا يقر على كفره بالجزية (٤).

أصله: العربي ولأن من لم تقبل منه الجزية إذا كان عربيا لم تقبل منه إذا كان عجميا؛ كالمرتد، وعكسه أهل الكتاب لما قبلت من العربي قبلت من العجمي؛ ولأنه ممن ليس له


(١) هو فروة بن نوفل بن شريك الأشجعي، لأبيه صحبة، من زعماء الحكمة في صدر الإسلام، كان رئيس الشراة اعتزل عليًا بعد التحكيم، في خمسمائة، وكره أن يقاتله، فأقام في شهرزور إلى أن نزل الحسن عن الأمر لمعاوية، فزخف فروة بمن معه وأراد الهجوم على الكوفة، فانتدب معاوية الناس لصده واستعان عليه بمن أطاعه من بني أشجع، فأمسكوا فروة عندهم، ففارقهم، وعاد إلى الثورة فقتل في شهرزور، توفي سنة (٧١ هـ).
ينظر: تاريخ الإسلام (٢/ ٨٧٥)، الأعلام (٥/ ١٤٣).
(٢) هو المستورد بن شداد بن عمرو القرشي، الفهري، صحابي ، روى عن النبي وعن أبيه، وروى عنه: أبو عبد الرحمن الحبلي (منسوب إلى حي من اليمن)، وقيس بن أبي حازم، ووقاص بن ربيعة، وعبد الكريم بن الحارث، وغيرهم. شهد فتح مصر، وله سبعة أحاديث، منها حديثان في صحيح مسلم، توفي سنة (٤٥ هـ).
ينظر: الإصابة (٦/ ٧١)، أسد الغابة (٥/ ١٤٨)، تهذيب التهذيب (١٠/ ١٠٦).
(٣) أخرجه الشافعي في المسند ص (١٧٠)، والبيهقي في السنن الكبرى (٩/ ٣١٧)، وقال ابن الجوزي في التحقيق في أحاديث الخلاف (٢/ ٣٥٣): سعيد بن المرزبان مجروح، قال يحيى بن سعيد: لا أستحل أن أروي عنه، وقال يحيى: ليس بشيء ولا يكتب حديثه، وقال الفلاس: متروك الحديث، وقال أبو زرعة صدوق مدلس، وقال الذهبي في تنقيح التحقيق (٢/ ٢٧٩): سعيد ضعيف.
(٤) ينظر: الهداية شرح بداية المبتدي (٢/ ٣٧٩)، العناية شرح الهداية (٥/ ٤٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>