كتاب التعليقة الكبيرة - أبو يعلى - من الأشربة للأيمان

ويدل عليه أيضًا: ما روى ابن المنذر (١) في كتابه عن حذيفة بن اليمان (٢) أنه قال: لولا أني رأيت أصحابي أخذوا الجزية من المجوس لما أخذت منهم وتلا: ﴿حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾ (٣).

فعقل حذيفة من الآية اختصاصهم بالجزية، فدل على أنه موجب اللغة ومقتضاها، وأيضا ما روى أبو عبيد (٤) في كتاب "الأموال" بإسناده عن الحسن قال: أمر رسول الله ﷺ أن يقاتل العرب على الإسلام، ولا يقبل منهم غيره وأمر أن يقاتل أهل الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون (٥).

وروى أيضًا بإسناده عن عروة بن الزبير (٦) قال: "كتب رسول الله ﷺ إلى أهل اليمن أنه من كان على يهوديته أو نصرانيته فإنه لا يغير عنها، وعليه الجزية على حكم ذكر أو أنثى، عبد أو أمة دينار، واف أو قيمته من المعافر (٧) " (٨)، وهذا أيضًا يدل على تخصيص أهل الكتاب بذلك (٩).

(١) سبقت ترجمته (١/ ١٣٧).
(٢) سبقت ترجمته (١/ ٢٤١).
(٣) أخرجه الطحاوي في شرح مشكل الآثار (٥/ ٢٦٩)، والدارقطني في سننه (٣/ ٩٤). ورواه أبو عبيد في الأموال (ص: ٤٤)، وابن زنجويه الأموال (١/ ١٤٨) عن أبي موسى الأشعري. وعزاه ابن حجر في فتح الباري (٦/ ٢٦١) والشوكاني في نيل الأوطار (٨/ ٦٤) إلى أبي عبيد في الأموال بسند صحيح عن حذيفة. ولم أجده فيه إلا عن أبي موسى.
(٤) سبقت ترجمته (١/ ٢١٦).
(٥) أخرجه أبو عبيد في الأموال (١/ ٣٤) رقم (٦٢)، وأبو داود في المراسيل (١/ ٢٤٣) رقم (٣٢٥)، وابن القطان الفاسي في بيان الوهم والإيهام في كتاب الأحكام (٣/ ٧٧) وقال: مراسيل الحسن من أضعف المراسل.
(٦) سبقت ترجمته ص ٥٦٠.
(٧) المعافر: بفتح الميم موضع باليمن تنسب إليه الثياب المعافرية، وقال الأصمعي: يقال: ثوب معافر، غير منسوب، فمن نسب فهو عنده خطأ، والعفرة: لون الأعفر، وهي حمرة فيها كدرة كلون الأرض العفراء، وبه سميت المرأة عفراء، والعفر من الظباء: اللواتي يرعين عفر الأرض وسهولها، وهن ألأم الظباء وأصغرها أجسامًا.
ينظر: العين (٢/ ١٢٤) باب العين والراء والفاء، جمهرة اللغة (٢/ ٧٦٦)، مادة (رعف)، تهذيب اللغة (٢/ ٢١٢).
(٨) أخرجه أبو عبيد في الأموال ص (٣٥)، وابن زنجويه في الأموال ص (١٢٥)، وقال ابن حجر عنه، وعن مرسل الحسن: وهذان مرسلان يقوي أحدهما الآخر.
ينظر: التلخيص الحبير (٤/ ٣١٥)، نصب الراية (٣/ ٤٤٧).
(٩) ينظر: الكافي في فقه الإمام أحمد (٤/ ١٧٠)، المغني (١٠/ ٣٨١).