للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يصدقون في كل ما يصدق فيه المسلمون وأهل الذمة (١).

دليلنا: ما روى الشعبي (٢) أن عمر بن الخطاب كتب إلى شريح (٣) أن لا يورث حميلًا حتى تقوم به بيئة من المسلمين (٤)، ومعناه المحمول في النسب على غيره وقد جاء عن العرب حميل بمعنى محمول كقولهم قتيل معناه مقتول وجريح معناه مجروح، وأيضا بأنه قد ثبت عليه الولاء (٥) لمسلم، ويريد أن يقطع بإقراره بالبنوة أو بالأبوة فلا يقبل؛ لأن إقرار الإنسان في ملك غيره لا يقبل (٦).

فإن قيل: إذا أقر المسلم بابن وله أخ أن لا يقبل إقراره، وكذلك إذا أقر بروحه وصدقته (٧).

قيل: فرق بينهما من وجهين:

أحدهما: أن الولاء نتيجة الملك فلما لم يملك إسقاط حق مولاه من الرق بإقراره كذلك لا يملك إسقاط حق مولاه من الولاء، وليس كذلك النسب؛ لأنه لم يكن له أصل يمنع أولده به فلهذا نفذ إقراره فيه.


(١) ينظر: المبسوط (١٧/ ٢١٦).
(٢) سبقت ترجمته ص ٧١.
(٣) هو شريح بن الحارث بن قيس بن الجهم الكندي، أبو أمية: من أشهر القضاة الفقهاء في صدر الإسلام. أصله من اليمن. ولي قضاء الكوفة، في زمن عمر وعثمان وعلي ومعاوية. واستعفى في أيام الحجاج، فأعفاه سنة (٧٧ هـ)، وكان ثقة في الحديث، مأمونا في القضاء، له باع في الأدب والشعر. وعمر طويلا، ومات بالكوفة.
ينظر: المنتخب من شذرات الذهب (١/ ٨٥)، وطبقات ابن سعد (٦/ ٩٠ - ١٠٠)، ووفيات الأعيان (١/ ٢٢٤) وحلية الأولياء (٤/ ١٣٢) والأعلام (٣/ ١٦١).
(٤) أخرجه عبد الرزاق في كتاب الفرائض، باب الحميل رقم (١٩١٧٣).
(٥) (ولي) الواو واللام والياء: أصل صحيح يدل على قرب. من ذلك الولي: القرب. يقال: تباعد بعد ولي، أي قرب. وجلس مما يليني، أي يقاربني. والولي: المطر يجيء بعد الوسمي، سمي بذلك لأنه يلي الوسمي. ومن الباب المولى: المعتق والمعتق، والصاحب، والحليف، وابن العم، والناصر، والجار؛ كل هؤلاء من الولي وهو القرب. وكل من ولي أمر آخر فهو وليه. وفلان أولى بكذا، أي أحرى به وأجدر. والولاء: الموالون. يقال هؤلاء ولاء فلان. والولاء أيضا: ولاء المعتق، وهو أن يكون ولاؤه لمعتقه، كأنه يكون أولى به في الإرث من غيره إذا لم يكن للمعتق وارث نسب. وهو الذي جاء في الحديث: نهى عن بيع الولاء وهبته. وواليت بين الشيئين، إذا عاديت بينهما ولاء. وافعل هذا على الولاء أي مرتبا. والباب كله راجع إلى القرب.
ينظر: مقاييس اللغة (٦/ ١٤١ - ١٤٢)، الصحاح (٦/ ٢٥٢٩ - ٢٥٣١).
(٦) ينظر: المغني (١٠/ ٢٨١) شرح الزركشي (٣/ ٤٣٢).
(٧) ينظر: المبسوط (١٧/ ٢١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>