للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بين السهمان وبين النفل وأفرد أحدهما عن الآخر.

وأما قولهم: أنه أعطى سلمة بن الأكوع سهم الفارس والراجل فغير محفوظ (١)، ولو صح فمعناه: أنه أعطى سهمًا له وسهمين بسبب فرسه، فيكون قد أعطاه سهم الراجل وهو سهم واحد وسهم الفارس وهو الذي يستحقه الفارس بسبب فرسه، وأما حديث ابن عمر وأنه نفلهم بعيرًا فقد جعلناه حجة لنا، وهو أنه ميز بين النفل وبين السهمان فلو كان هذا نفلًا لميز بينهما، وأما الذي أعطاه لعثمان وطلحة فإن الظاهر أنه كان نفلًا؛ لأن من لم يحضر لا يستحق شيئًا فلما فعل ذلك علم أنه نفل.

وقوله: إن أفعال النبي ليست على الوجوب لا نسلم على الصحيح من قولنا (٢).

وأيضًا فإنه مقدر زيد على مقدر على سبيل الرفق فوجب أن يكون بالضعف قياسًا على مدة المسح على الخفين، فإنه لما زيد في مدة مسح المسافر على مدة مسح المقيم جعل للمقيم يومًا وليلة وللمسافر ثلاثة أيام ولياليهن، ولا يلزم عليه زيادة أكثر لحيض على أقله أنه أكثر من ثلاثة؛ لأنه ليس للرفق (٣).

فإن قيل: هذا يبطل بالنصاب الثاني في الزكوات فإن العفو بعد النصاب مقدر زيد على مقدر على طريق الرفق ولا يكون ضعفه في الإبل والبقرة (٤).

قيل: نريد بقولنا: زيد على مقدر وكل واحد من المزيد والمزيد عليه يصح إفراده على الآخر ويتعلق الحكم به، وهذا المعنى لا يصح في النصاب الثاني في الزكاة (٥).


(١) سبق تخريجه ص ٤٣٨.
(٢) قال القاضي أبو يعلى بن الفراء في العدة في أصول الفقه (٢/ ٤٧٨): وقد قال أحمد في رواية حنبل: لا يصلى على القبر بعد شهر، على ما فعل النبي على قبر أم سعد بعد شهر؛ فجعل صلاته بعد شهر دليلًا على المنع فيما زاد عليه؛ لأن الفعل كالقول في أنه يقتضي الإيجاب، ويخصص به العموم. اهـ.
(٣) ينظر: الهداية في فقه الإمام أحمد (ص ٢١٥)، الكافي في فقه الإمام أحمد (٤/ ١٤٣)، المغني (٩/ ٢٤٨)، شرح الزركشي (٢/ ٣٠٩).
(٤) ينظر: المبسوط (١٠/ ٤١)، تحفة الفقهاء (٣/ ٣٠١)، بدائع الصنائع (٧/ ١٢٦).
(٥) ينظر: الكافي في فقه الإمام أحمد (٤/ ١٤٣)، المغني (٩/ ٢٤٨)، شرح الزركشي (٢/ ٣٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>