للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجواب: أنه محمول عليه إذا كان الصلاح في قتلهم (١).

واحتج: بقوله تعالى: ﴿مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ﴾ إلى قوله: ﴿لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ [الأنفال: ٦٧ - ٦٨] نزلت هذه الآية في الفداء الذي أخذوه يوم بدر وإذا ثبت تحريم الفداء ثبت تحريم المن؛ لأن أحدًا ما فرق (٢).

والجواب: أنه يحتمل أن يكون العتب على ترك الحظ أنه لا يجوز أخذ الفداء إلا على وجه الحظ إلا أنه محرم في الجملة.

يدل عليه: أنه لم يأمرهم برده عليهم ولو كان على ما قالوه لم يملكوه ولوجب رده.

ويبين صحة هذا: قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرَى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ﴾ [الأنفال: ٧٠]، وهذا يدل: على إباحة الفداء (٣).

والذي يدل على صحة هذا، وأن العتب إنما كان لعدم الحظ؛ ما روى ابن المنذر بإسناده عن علي بن أبي طلحة (٤) عن ابن عباس في قوله تعالى: ﴿مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ﴾ قال: ذلك يوم بدر والمسلمون يومئذ قليل فلما كثروا واشتد سلطانهم أنزل الله تعالى بعد هذا في الأسارى ﴿فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً﴾ [محمد: ٤]، فجعل الله الخيار إليه وإلى المسلمين في ذلك.

واحتج: بأنه يجوز نبقيهم في دارنا على التأبيد فلم يجز ردهم إلى دار الحرب كالمسلمين وأهل الذمة (٥).

والجواب: أن المسلمين وأهل الذمة استحقوا السكنى في دار الإسلام، فالمسلمون استحقوه بالإسلام وأهل الذمة بما بذلوه من الجزية؛ عوضًا عن حقن دمائهم وسكناهم، في


(١) ينظر: المغني (٩/ ٢٢١)، الشرح الكبير (١٠/ ٤٠٦)، شرح الزركشي (١/ ١٢٥).
(٢) ينظر: المبسوط (١٠/ ١٣٨)، بدائع الصنائع (٤/ ٢٢٨)، تبيين الحقائق (٣/ ٢٥٠).
(٣) ينظر: الشرح الكبير (١٠/ ٤٠٦)، الإنصاف (٤/ ١٣٠)، شرح الزركشي (١/ ١٢٥).
(٤) سبقت ترجمته ص ٣٦٤.
(٥) ينظر: المبسوط (١٠/ ١٣٨)، فتح القدير (٥/ ٤٧٥)، تبيين الحقائق (٣/ ٢٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>