للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النبي أبا جندل بن سهيل بن عمرو (١) ورد أبا بصير (٢) وقد جاء كل واحد منهما مسلمًا (٣) ثم نسخ ذلك (٤).

قيل: ادعاء النسخ يحتاج إلى دليل، وأيضًا ما كان فيه مصلحة للمسلمين، جاز للإمام فعله في الأسارى.

دليله: القتل والاسترقاق، وبيان هذا أنه قد يكون الرجل نضوًا (٥) ضعيفًا لا قتال فيه ويمكن أن يفادى بمالٍ كثير ورجال من المسلمين فيعلم أن المصلحة في ذلك الفداء دون قتله واسترقاقه وقد يكون ممن يرجى إسلامه إذا من عليه، وربما أسلم معه غيره فتكون المصلحة في المن عليه، فجاز ذلك (٦).

واحتج المخالف: بقوله تعالى: ﴿فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ﴾ [التوبة: ٥]، وقوله تعالى: ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ﴾ [البقرة: ١٩٣] والأمر بقتلهم يمنع المن والفداء؛ لأن في ذلك ترك للقتل (٧).


(١) هو العاص بن سهيل بن عمرو بن عبد شمس أبو جندل العامري القرشي، صاحب القصة المعروفة في صلح الحديبية، أسلم قبل أبيه، وخرج معه مجاهدًا إلى الشام وهلك به.
ينظر: مختصر تاريخ دمشق (١١/ ٢٤٣)، الإصابة (٧/ ٦٥).
(٢) هو عتبة (وقيل: عبيد) بن أسيد بن جارية بن أسيد بن عبد الله بن سلمة أبو بصير الثقفي حليف بني زهرة مشهور بكنيته، له قصة في صلح الحديبية هو وأبو جندل حيث فرامع سبعين رجلا من المسلمين يقطعون على من مر بهم من عير قريش حتى كتبت فيهم قريش إلى رسول الله ليضمهم إليه، ولما كتب النبي إلى أبي جندل وأبي بصير أن يقدما عليه ورد الكتاب، وأبو بصير يموت، فمات وكتاب النبي في يده، فدفنه أبو جندل مكانه وصلى عليه.
ينظر: الاستيعاب لابن عبد البر (٤/ ١٦١٢)، والإصابة (٤/ ٣٥٩).
(٣) أخرجه البخاري في كتاب الشروط، باب الشروط في الجهاد والمصالحة مع أهل الحرب وكتابة الشروط، رقم (٢٧٣١) كتاب المغازي، باب غزوة الحديبية، رقم (٤١٨٠) من حديث مروان بن الحكم، والمسور بن مخرمة من حديث قصة الحديبية.
(٤) ينظر: بدائع الصنائع (٤/ ٢٢٨) فتح القدير (٥/ ٤٧٥)، تبيين الحقائق (٣/ ٢٥٠).
(٥) نضوا يقال النضو من الإبل: الذي قد أنضته الأسفار أي هزلته، والأنثى نضوة. ينظر: العين (مادة: نضو)، وغريب الحديث للقاسم بن سلام (مادة: نضا).
(٦) ينظر: المغني (٩/ ٢٢١)، الشرح الكبير (١٠/ ٤٠٦)، شرح الزركشي (١/ ١٢٥).
(٧) ينظر: بدائع الصنائع (٤/ ٢٢٨)، فتح القدير (٥/ ٤٧٥)، تبيين الحقائق (٣/ ٢٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>