للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عدمنا خيلنا إن لم تروها … تثير النقع (١) موعدها كداء (٢)

تنازعنا الأعنة مسرعات … يلطمهن بالخمر النساء

فإن أعرضتم عنا اعتمرنا … وكان الصلح وانكشف الغطاء

فلما رأى النبي مسح النساء وجوه الخيل بخمرهن، قال النبي أولًا لأبي بكر: "لله در حسان" حيث يقول: قال العباس: فقلت له: تريد الأبيات فأنشدته فقال النبي : "كأنما ينطق عن روح القدس" (٣).

وهذا يدل: على أنه دخلها بغير قتال؛ لأن استقبال النساء ومسحهن وجوه الخيل بخمرهن يدل على عدم القتال، وعلى إظهار الفرح والسرور وقوله "لله در حسان كأنما ينطق عن روح القدس".

يدل على: أنهم أعرضوا عن قتالهم وكان الصلح كما ذكر حسان في قصيدته (٤).

والجواب: أن المذكور في كتاب ابن إسحاق (٥) وفي ديوان حسان وكان الفتح فجعلوا بدل الفتح الصلح ليصير حجة لهم، وإذا كان كذلك لم يكن فيه حجة؛ لأن إطلاق الفتح ما أخذ عنوة.

ويبين صحة هذا: قوله: فيهن انكشف الغطاء، وإنما ينكشف بالفتح، وأما قولهم: إن مسح النساء بخمرهن، يدل على الصلح غلط؛ لأن النساء تضرب وجوه الخيل بالخمر تحريضًا لهم على القتال، فقلن لما عجزوا عن ضرب السيوف لم يبق إلا الضرب


(١) والنقع الغبار. ينظر: العين (مادة: نقع)، المنجد في اللغة (مادة: نقع).
(٢) كداء وكدي: جبلان قريبان من مكة.
ينظر: جمهرة اللغة (٢/ ١٠٦٠)، العين (٥/ ٣٩٦).
(٣) أخرجه بنحو هذا السياق البيهقي في الدلائل في جماع أبواب فتح مكة، باب نزول رسول الله بمر الظهران وما جرى في أخذ أبي سفيان بن حرب وحكيم بن حزام وبديل بن ورقاء وإسلامهم وعقد الأمان لأهل مكة بما شرط ودخوله مع المسلمين مكة وتصديق الله تعالى وما وعد رسوله ، (٥/ ٤٩).
والحديث أصله عند مسلم في كتاب فضائل الصحابة - رضي الله تعالى عنهم -، باب فضائل حسان بن ثابت ، رقم (٢٤٩٠).
(٤) ينظر: مختصر المزني (٨/ ٣٨٠)، الحاوي الكبير (١٤/ ٧٠).
(٥) ينظر: الروض الأنف (٧/ ١١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>