للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والذي يدل على أنهم لم يقبلوا الأمان: ما روى الزهري في حديثه أن أبا سفيان لما دخل إلى مكة فأخبرهم بما كان من النبي أتت إليه هند بنت عتبة (١) فأخذت شاربيه وقالت: اقتلوا الخنث (٢) الدسم وقد ذكره الفزاري في سيره (٣)، ولأنهم قاتلوا خالد بن الوليد وكان فيمن قاتل قادة قريش وسادتها، ولأنهم التجئوا إلى الكعبة وهم يرون أن السيف لا يرفع عنهم ولو كان هناك أمان قبلوه لم يغدر به النبي وإن قالوا: إن بعض أهلها قبلوا الأمان فدار الحرب إذا استأمن بعض أهلها وأسلموا لم يمنع ذلك دخول المسلمين عنوة وقهرًا، وإنما يمنع ذلك استئمان جميعهم وقد نقلنا خلاف ذلك.

وجواب آخر: وهو أن أبا سفيان لم يكن رسولًا لأهل مكة حتى إذا عقد الصلح تم بعقده لهم، وإنما خرج متجسسًا وهو لا يعلم أن النبي قد قصدهم ولم يلتمس الأمان وإنما طلب له العباس الفخر فقال: "من دخل دار أبي سفيان فهو آمن" (٤) (٥).

واحتج: بما روى صفوان بن أمية (٦) قال: عهد رسول الله إلى أمراء الأجناد حين أمرهم أن يدخلوا مكة أن لا يقاتلوا إلا من قاتلهم إلا قومًا سماهم (٧).


(١) هي هند بنت عتبة هي زوجة أبي سفيان صخر بن حرب وأم معاوية بن أبي سفيان. شاعرة مجيدة تأخر إسلامها لما بعد فتح مكة. وقد تشفت يوم أحد بقتلى المسلمين ومنهم حمزة بن عبد المطلب شهدت بعد إسلامها اليرموك وحرضت على قتال الروم. وأخبارها كثيرة. توفيت (١٤ هـ).
ينظر: تاريخ دمشق (٧٠/ ١٦٦)، أسد الغابة (٧/ ٢٨١).
(٢) خنث: الخنثى: وهو الذي ليس بذكر ولا أنثى، ومنه أخذ المخنث. ويقال: بل سمي لتكسره كما يخنث السقاء والجوالق إذا عطفته.
ينظر: العين (مادة: خنث)، والمحكم والمحيط (مادة: خنث).
(٣) لم أجده، وقد سبقت ترجمته في كتاب السير.
(٤) أخرجه مسلم كتاب (اللقطة) باب (فتح مكة) رقم (١٧٨٠).
(٥) ينظر: المغني (٤/ ١٩٧)، الإنصاف (٤/ ٢٨٨)، بدائع الصنائع (٢/ ٥٨)، البيان والتحصيل (٣/ ٤٠٦).
(٦) هو صفوان بن أمية بن خلف بن وهب بن حذافة، أبو وهب، القرشي، الجمحي، المكي صحابي، فصيح جواد، كان من أشراف قريشا في الجاهلية والإسلام، أسلم بعد الفتح، وكان من المؤلفة قلوبهم، وشهد اليرموك. وروى الواقدي عن رجاله: أن النبي واستقرض من صفوان بن أمية بمكة خمسين ألفًا، فأقرضه. وروى مسلم عن صفوان قال: أتيت النبي ، فأعطاني فما زال يعطيني حتى إنه لأحب الخلق إلي، روى عن: النبي ، وروى عنه: أولاده أمية، وعبد الله، وعبد الرحمن وابن ابنه صفوان بن عبد الله بن صفوان، وسعيد بن المسيب، وعطاء، وطاوس، وعكرمة وغيرهم، توفي سنة ٤٢ هـ.
ينظر: تهذيب التهذيب (٤/ ٤٢٤)، والإصابة (٣/ ٣٤٩)، وسير أعلام النبلاء (٢/ ٥٦٢).
(٧) لم أجد تخريجًا لهذا الحديث.

<<  <  ج: ص:  >  >>