للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويبين صحة هذا: ما روى في حديث عمرو بن شعيب أن النبي قال يوم الفتح: كفوا السلاح إلا خزاعة عن بني بكر (١) ولا يصح أن يأمر بكف السلاح إلا وهو مبسوط فدل على أن دخولها بغير أمان (٢).

واحتج: بما روى عبد الله بن العباس قال: لما نزل رسول الله بمر الظهران قال العباس: لئن دخل رسول الله مكة عنوة قبل أن يأتوه فيستأمنوه أنه لهلاك قريش، فجلس على بغلة رسول الله لعله يجد ذا حاجة يأتي مكة فيخبرهم بمكان رسول الله فيخرجوا إليه فيستأمنوه فإني لأسير سمعت كلام أبي سفيان، وبديل بن ورقاء، وحكيم بن حزام فقد خرجوا يتجسسون الخبر عن رسول الله فقلت: يا أبا حنظلة، فعرف صوتي فقال: نعم، ملك بأبي أنت وأمي، قلت: هذا رسول الله ما لا قبل لكم به بعشرة آلاف من المسلمين. قال: فما تأمرني؟ فقلت: تركب عجز هذه البغلة ويستأمن لك رسول الله ، فوالله لئن ظفر بك ليضربن عنقك، فأردفه وخرج تركض به بغلة رسول الله وكلما مر بنار من نيران المسلمين ونظروا إلى البغلة قالوا: عم رسول الله على بغلة رسول الله حتى مر بنار عمر بن الخطاب، فقال: الحمد لله الذي أمكن منك بغير عهد ولا عقد، ثم اشتد نحو النبي وركض العباس البغلة وسبق عمر كما سبق الدابة البطيئة الرجل البطيء، ثم دخل عمر على رسول الله فقال: يا رسول الله، أبو سفيان عدو الله قد أمكن الله منه بغير عهد ولا عقد فدعني أضرب عنقه، فقال العباس: يا رسول الله إني قد أجرته، فقال رسول الله للعباس: "اذهب فقد أمناه حتى تغدو به بالغداة" فرجع به إلى منزله فلما أصبح غدا به إلى رسول الله إلى أن أسلم وعقد الأمان لأهل مكة على: "أن من ألقى سلاحه فهو آمن ومن تعلق بأستار الكعبة فهو آمن "فقال العباس: إن أبا سفيان يحب الصيت وروي ويحب الفخر فاجعل له شيئًا فقال: "ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن"، وخرج ثم أمره النبي أن يجلسه بمضيق الوادي حتى يبصر جنود الله،


(١) أخرجه ابن أبي شيبة في كتاب المغازي، باب حديث فتح مكة، رقم (٣٦٩٠٤)، وأحمد (٦٦٨١)، (٦٩٣٣). وحسن إسناده البوصيري في الإتحاف (١/ ٤٦١).
(٢) ينظر: المغني (٤/ ١٩٧)، الإنصاف (٤/ ٢٨٨)، بدائع الصنائع (٢/ ٥٨)، البيان والتحصيل (٣/ ٤٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>