للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجواب: أن هذا لا يدل على الصلح؛ لأنه يحتمل أن يريد به: لا يزال تأتيهم السرايا للقتال حتى تحل قريبًا من دارهم فيباشر قتالهم، ويغلبهم، ويظهر عليهم، فينقطع القتال حينئذ.

وجواب آخر، وهو: أن قوله: ﴿أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا﴾ معناه: وتحل قريبا، ولو كان بمعنى حتى لوجب أن تكون اللام منصوبا، فيقول: أو تحل قريبا من دارهم، ويكون معناه: حتى تحل قريبا من دارهم أو إلى أن تحل قريبا من دارهم.

وجواب آخر: وهو أن الغاية مصرح بها في هذه الآية وهو قوله: ﴿حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ﴾ [الرعد: ٣١]، قال أهل التفسير: هو فتح مكة فإن الله تعالى كان وعد بفتحها فإذا كان كذلك كان أو عطفًا على قوله: ﴿تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ﴾ [الرعد: ٣١] (١) (٢).

واحتج بقوله تعالى: ﴿وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا﴾ [الفتح: ٢٠] يعني: خيبر، ثم قال: ﴿وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا﴾ [الفتح: ٢١] يعني مكة.

والجواب: أنه معنى لم تقدروا على دخولها عام الحديبية؛ لأنهم أحصروا ومنعوا من الدخول فصالحهم النبي وانصرف إلى المدينة، وقد روي أن هذه الآية نزلت عام الحديبية، وقد قيل في التفسير: أن المراد به الروم والفرس (٣).

واحتج: بما روى سعد أن النبي أمن الناس كلهم إلا ستة نفر فإنه أمر بقتلهم (٤).

والجواب: أن هذا حجة لنا؛ لأن هذا الأمان كان بمكة، فدل على أنه دخلها بغير أمان وأنهم لم يقبلوا الأمان الأول، ولولا ذلك لم يكن لتجديد أمان آخر معنى.


(١) وهي قوله تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا﴾.
(٢) ينظر: المغني (٤/ ١٩٧)، الإنصاف (٤/ ٢٨٨)، بدائع الصنائع (٢/ ٥٨)، البيان والتحصيل (٣/ ٤٠٦).
(٣) وبه قال ابن أبي ليلى والحسن البصري؛ ينظر: تفسير ابن كثير (٧/ ٣٤١)، المغني (٤/ ١٩٧)، الإنصاف (٤/ ٢٨٨)، بدائع الصنائع (٢/ ٥٨) البيان والتحصيل (٣/ ٤٠٦).
(٤) لم أجده.

<<  <  ج: ص:  >  >>