للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طلقاء ولم يقل لهم ذلك وهذا خبر مستفيض؛ لأن الصحابة كانت تسمى الذين أطلقهم رسول الله اليوم الطلقاء، مثل: سهيل بن عمرو، ومعاوية وأضرابهما وكانوا يسمون أولادهم أبناء الطلقاء وعلى هذا قال عمر: إن هذا الأمر يعني به الخلافة لا يصلح للطلقاء ولا لأبناء الطلقاء (١).

فإن قيل: قوله: ملكت فاصنع ما شئت معناه أنا لا نقدر دفعك ولا الامتناع منك أنت القاهر الغالب علينا فاصنع ما شئت.

فقوله: أنتم الطلقاء بالأمان الذي عقدته وبذلته بمر الظهران على لسان أبي سفيان (٢).

قيل له: إنما لم يقدروا على دفعه؛ لأجل ما كان منه من القهر والغلبة بالقتال، وقولهم أنه أراد بقوله: أنتم الطلقاء بالأمان الذي عقده بمر الظهران لا يصح؛ لأن قوله: ما تقولون تهديد منه لهم، فلو كان هناك أمان حصلوا به طلقاء لم يقل هذا فعلم أنه أحدث لهم أمانًا، وأيضًا لو صالح أهل مكة لم يخل إما أن يصالحهم على أن يقرهم على كفرهم على أن يأخذ منهم الجزية أو على أن يقرهم على الكفر بغير جزية أو يكونوا قد أسلموا ولا جائز أن يكون قد أقرهم على الكفر بالجزية؛ لما روي أنه لما دخلها كسر الأصنام ولأنه لا يجوز أخذ الجزية من مشركي العرب ولا يجوز أيضًا أن يكون أقرهم بغير جزية؛ لأن هذا لا يجوز بالاتفاق، ولا يجوز أيضًا أن يكونوا قد أسلموا فصالحهم من قبل أن الإسلام يغني عن الصلح؛ لأنه يحقن دماءهم وأموالهم من غير صلح فإذا بطلت هذه الوجوه وهي جميع جهات الصلح علمنا أنه لم يدخلها إلا عنوة (٣).

فإن قيل: لا خلاف أن النبي أقرهم على كفرهم مع اختلافنا أقرهم بمكة أم بمر الظهران (٤).


(١) أخرجه ابن سعد في الطبقات (١/ ٣٢٩)
(٢) ينظر: مختصر المزني (٨/ ٣٨٠)، الحاوي الكبير (١٤/ ٧٠).
(٣) ينظر: المغني (٤/ ١٩٧)، بدائع الصنائع (٢/ ٥٨)، البيان والتحصيل (٣/ ٤٠٦).
(٤) ينظر: مختصر المزني (٨/ ٣٨٠) اللباب في فقه الشافعية (ص ٣٨٠)، الحاوي الكبير (١٤/ ٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>