للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلصَّابِرِينَ﴾ [النحل: ١٢٦]، نزلت بالمدينة، قال أهل التفسير الكلبي (١) والمقاتل (٢) وغيرهما النحل مكية إلا آيات منها فذكر قوله تعالى: ﴿وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا﴾ إلى آخر السورة (٣).

قيل: ظاهر رواية أبي أنها مكية وهو أعرف؛ لأنه شاهد التنزيل، فقوله أولى.

واحتج أيضًا: من نصر قولنا بما روي أن النبي دخل مكة صعد إلى باب الكعبة فأخذ بعضادتي الباب وقال: "الحمد لله الذي صدق وعده ونصر عبده وأعز جنده وهزم الأحزاب وحده"، ثم التفت إلى قريش وهم حواليه فقال لهم: ما تقولون؟ فقالوا: نقول أخ كريم وابن أخ كريم قد ملكت فاصنع ما شئت فقال : "أقول ما قال أخي يوسف: لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين أنتم الطلقاء" (٤).

وقد ذكر سعيد الأموي (٥) في مغازيه بإسناده أنه وقف على باب الكعبة وقد استلف له الناس ينظرون إليه وقال: "لا إله إلا الله وحده، صدق وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده، يا معشر قريش، ماذا تروني فاعلًا بكم؟ "، قالوا: أخ كريم، وابن أخ كريم، قال: "اذهبوا فأنتم الطلقاء" (٦) فلو كان بينهم صلح لم يقل ملكت: فاصنع ما شئت، ولم يكن النبي يقول: "أنتم الطلقاء"؛ لأنهم كانوا طلقاء قبل وجود هذا القول فلا يصيرون طلقاء بقوله ألا ترى أنه لما دخل مكة في عمرة القضاء عن صلح لم يكن أهل مكة


(١) لم أجد قوله في كتب التفسير، وقد سبقت ترجمته في كتاب الأشربة.
(٢) هو مقاتل بن سليمان البلخي صاحب التفسير، روى عن الضحاك بن مزاحم، وعطاء توفي سنة ١٥٠ هـ، ينظر: تاريخ بغداد (١٥/ ٢٠٧)، سير أعلام النبلاء (٧/ ٢٠١).
ولم أجد قوله في كتب التفسير.
(٣) ينظر: مختصر المزني (٨/ ٣٨٠)، اللباب في فقه الشافعية (ص ٣٨٠)، الحاوي الكبير (١٤/ ٧٠).
(٤) أخرجه الأزرقي في أخبار مكة وما جاء فيها من الآثار (٢/ ١٢١)، والأموال لابن زنجويه (ص ٢٩٣).
(٥) هو سعيد بن يحيى بن سعيد بن أبان بن سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص أبو عثمان الأموي (روى له البخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي). وقال النسائي: ثقة. وقال أبو حاتم، وصالح بن محمد: صدوق. زاد صالح: إلا أنه كان يغلط. ومات للنصف من ذي القعدة سنة (٢٤٩ هـ).
ينظر: تاريخ بغداد (١٠/ ١٢٨)، تهذيب الكمال (١١/ ١٠٤).
(٦) لم أجده.

<<  <  ج: ص:  >  >>