للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قيل: إلا أنه لم يقرهم بمكة على كفرهم، ويجوز أن يكون الإقرار في غيرها يدل عليه أنه قلب الأصنام، ولأن الغالب منهم أسلم؛ لأنه كانت تأتي القبيلة بعد القبيلة تسلم (١).

فإن قيل: عقد الإمام بغير جزية لأهل الحرب جائز مطلقًا ويكون ذلك محمولًا على ما دون الحول (٢).

قيل: فكان يجب أن يطالبهم بها بعد الحول ولو طلب لنقل ولما أقرهم أحوالًا ولم يأخذ منهم جزية امتنع أن يكون ذلك على وجه الصلح وأخذ العوض (٣).

واحتج المخالف: بقوله تعالى: ﴿وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا﴾ [الفتح: ٢٢].

والمراد به: أهل مكة هكذا ذكره النقاش (٤) في تفسيره، وسيأتي الكلام يدل عليه لأنه؛ قال تعالى: ﴿سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا﴾ [الفتح: ٢٣]، قال المفسرون المراد به سنة الله التي قد خلت من قبل هي بدر فإنه نصر رسوله على كفار أهل مكة فخلدوا وقتل صناديدهم ثم قال: ﴿وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ﴾ [الفتح: ٢٤].

والمراد به: أهل مكة ثم قال: ﴿هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ﴾ [الفتح: ٢٥]، وأراد به أهل مكة،


(١) ينظر: المغني (٤/ ١٩٦ - ١٩٧)، حاشية ابن عابدين (٤/ ١٣٨)، الذخيرة (٣/ ٤١٦).
(٢) ينظر: مختصر المزني (٨/ ٣٨٠)، الحاوي الكبير (١٤/ ٧٠).
(٣) ينظر: المغني (٤/ ١٩٧)، الإنصاف (٤/ ٢٨٨)، بدائع الصنائع (٢/ ٥٨)، البيان والتحصيل (٣/ ٤٠٦).
(٤) هو محمد بن الحسن بن محمد بن زياد الموصلي، ثم البغدادي، أبو بكر النقاش المقرئ المفسر. روى عن أبي مسلم الكجي، وطبقته، وقرأ بالروايات، ورحل إلى عدة مدائن، وتعب واحتيج إليه، وصار شيخ المقرئين في عصره على ضعف فيه. وقال طلحة بن محمد الشاهد: كان النقاش يكذب في الحديث، والغالب عليه القصص. وقال البرقاني: كل حديث النقاش منكر. وقال أبو القاسم اللالكائي: تفسير النقاش إشقاء الصدور، وليس بشفاء الصدور. مات سنة (٣٥١ هـ).
ينظر: ميزان الاعتدال (٣/ ٥٢٠) سير أعلام النبلاء (١٥/ ٥٧٣ - ٥٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>