للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فوجه الدلالة: من حديث أبي شريح أنه أخبر أنها أحلت له ساعة للقتال ومن حديث عمرو بن شعيب أن خزاعة لم تضع السلاح عن بني بكر إلى صلاة العصر وقال: كفوا السلاح إلا خزاعة عن بني بكر ولا يصح أن يأمر بكف السلاح إلا وهو مبسوط فدل على أن دخولها وقع بغير أمان (١).

فإن قيل: قوله: أحلت لي ساعة من نهار، فقد كانت أحلت له، وقتل بها ابن خطل وهو متعلق بأستار الكعبة استبق إليه سعيد، وعمار فسبق سعيد؛ لأنه كان أشب من عمار، ومقبس بن ضبابة أدركه الناس في السوق فقتلوه، وأما بنو بكر فإنهم لم يدخلوا تحت الأمان (٢).

قيل: أما قولك: إن بني بكر لم تدخل تحت الأمان، فقد أجبنا عنه، وأما قولك: انها أحلت له بقتل ابن خطل، ومقبس فلا يصح؛ لأن المراد بالخبر أنها أحلت له بالقتال ألا ترى أنه قال في الخبر فمن قال لكم: أن رسول الله قد قاتل بها فقولوا: إن الله أحلها لرسوله ومعناه أحلها له للقتال، ولأنه أحلها غضبًا على أهلها وهذا يقتضى العموم.

ويدل عليه: ما روى محمد بن إسحاق في المغازي بإسناده عن أم هانئ بنت أبي طالب قالت: لما فتح رسول الله مكة فر إلي رجلان من أحمائي من بني مخزوم، فأجرتهما وأدخلتهما بيتي فجاء أخي علي بن أبي طالب فقال: لأقتلنهما، فقلت: إني قد أجرتهما وغلقت عليهما بابي ثم جئت رسول الله بأعلى مكة فوجدته يغتسل من جفنة إن فيها لأثر العجين وابنته فاطمة تستره بثوب، فلما فرغ من غسله أخذ ثوبه فتوشحه ثم ركع ثمان ركعاتٍ من الضحى ثم أقبل علي فقال: "مرحبًا وأهلًا بأم هانئ ما جاء بك؟ " فأخبرته الخبر فقال رسول الله : "قد أجرنا من أجرت وأمنا من أمنت" (٣).

وهذا يدل: على أن الأمان لم يسبق دخول مكة؛ إذ لو كان سبق لم تحتج أم هانئ إلى الأمان، ولم يقدم علي على قتلهما (٤).


(١) ينظر: المغني (٤/ ١٩٦ - ١٩٧)، بدائع الصنائع (٢/ ٥٨) البيان والتحصيل (٣/ ٤٠٦).
(٢) ينظر: مختصر المزني (٨/ ٣٨٠)، اللباب (ص ٣٨٠)، الحاوي الكبير (٨/ ٤٠٧)، (١٤/ ٧٠).
(٣) سبق تخريجه ص ٢٣٢.
(٤) ينظر: المغني (٤/ ١٩٧)، بدائع الصنائع (٢/ ٥٨)، البيان والتحصيل (٣/ ٤٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>