للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: خزاعة ليس لهم بمكة دار ولا مال، فأما هم هربوا إليها وأما من كان بمكة فإنهم ادعوا أن خالد بن الوليد بدأهم بالقتال، وادعى خالد أنهم بدأوه بالقتال وهو أصدق.

فدل هذا: على أن الأمان سابق وأما هرب عكرمة؛ فلأنه لم يدخل تحت الأمان؛ لأن النبي استثنى أربعة من الرجال وامرأتين فهرب؛ لأجل ذلك (١).

قيل: هذا لا يصح؛ لأن النبي أمن الناس إلا أربعة رجال وامرأة وما عداهم داخل تحت الأمان وأن القتال كان عاما ولم يعتبر صفات بني بكر.

والذي يدل: على أنه لم يختص بالطائفة التي ذكروها: قوله: فر صفوان وعكرمة وأبو يزيد، وهؤلاء سادة القوم وقادتهم قد جمعوا الجمع وباشروا الحروب وأصيب المسلمون بأيديهم وأصابوا منهم فلا يجوز ادعاء الأمان وهؤلاء خارجين منه، وأيضًا ما روى محمد بن إسحاق بإسناده عن أبي شريح الخزاعي (٢) لما افتتح رسول الله مكة قتلت خزاعة رجلًا من هذيل، فقام رسول الله فينا خطيبًا، فقال: أيها الناس إن الله حرم مكة يوم خلق السموات والأرض فهي حرام إلى يوم القيامة لا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دمًا أو يعضد بها شجرًا، وأنها لا تحل لأحد بعدي (٣) ولم تحل لي إلا هذه الساعة غضبًا على أهلها، ألا ثُمَّ قد رجعت على حالها بالأمس فليبلغ الشاهد منكم الغائب، فمن قال بأن رسول الله قد قاتل بها فقولوا: أن الله أحلها لرسوله ولم يحلها لك يا معشر خزاعة، ارفعوا أيديكم عن القتل فقد كثر، وذكر الخبر (٤).


(١) ينظر: مختصر المزني (٨/ ٣٨٠)، الحاوي الكبير (١٤/ ٧٠).
(٢) هو أبو شريح الخزاعي ثم الكعبي، خويلد بن عمرو - وقيل: عمرو بن خويلد. وقيل هانئ، وقيل غير ذلك. روى عن: النبي ، وابن مسعود ، وروى عنه: نافع بن جبير بن مطعم، وأبو سعيد المقبري، وابنه سعيد بن أبي سعيد، وغيرهم. أسلم قبل فتح مكة. وتوفي بالمدينة سنة (٦٨ هـ).
ينظر: الإصابة (٧/ ١٧٣)، الاستيعاب (٢/ ٤٥٥).
(٣) أخرجه البخاري في كتاب في اللقطة، باب كيف تعرف لقطة أهل مكة (٣/ ١٢٥) رقم (٢٤٣٤)، ومسلم في كتاب الحج، باب تحريم مكة وصيدها وخلاها وشجرها ولقطتها، إلا لمنشد على الدوام، (٢/ ٩٨٨)، رقم (١٣٥٥).
(٤) ينظر: المغني (٤/ ١٩٧)، الإنصاف (٤/ ٢٨٨)، بدائع الصنائع (٢/ ٥٨)، البيان والتحصيل (٣/ ٤٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>