للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قيل: معناه بأرض مكة والحديبية منها (١).

قيل: بطن الشيء ما كان منه هذا هو الحقيقة، وأما قوله: ﴿وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ﴾ لا حجة فيه؛ لأن معناه: الذين كفروا وصدوكم عن المسجد الحرام عام الحديبية والهدي معكوفًا الذين أظفركم الله بهم هذا اليوم هم الذين قاتلوهم في يوم الفتح (٢).

فإن قيل: لو سلمنا أن المراد به: صلح مكة فلا حجة فيه؛ لأن الظفر قد تقدم بنزوله مر الظهران وتمكنه من دخول مكة عنوة وهذا سابق للأمان الذي كف الأيدي (٣).

قيل: قد بينا أن إطلاق الظفر يفيد ما كان عنوة، ولأنه ذكر ظفرًا مضافًا إلى الله، وهذا معدوم فيما كان الظهران وأيضًا قوله: ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ﴾ [النصر: ١]، والمن: يكون بأعلى أحوال النصر وهو القهر فأما الصلح فيقع مشركًا بأن يقال: فتح على المسلمين بأولى من أن يقال: فتح على أضدادهم (٤).

فإن قيل: هذه نزلت آخر ما نزل من القرآن وكان قد فتح هوازن (٥).

قيل: في الآية: ﴿وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا﴾ [النصر: ٢] وهذا لم يوجد في فتح هوازن وإنما وجد في فتح مكة؛ لأن القبيلة بعد القبيلة كانت تسلم من قريشٍ على أن ابن عباس قال: ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ﴾ فتح مكة (٦) وكذلك عن ابن السائب (٧) (٨)، ومن جهة السنة ما روى أحمد بإسناده في المسند عن أبي هريرة قال: ألا أعلمكم بحديث من حديثكم يا معشر الأنصار، قال: فذكر فتح مكة قال: أقبل


(١) ينظر: مختصر المزني (٨/ ٣٨٠)، الحاوي الكبير (١٤/ ٧٠).
(٢) ينظر: المغني (٤/ ١٩٦ - ١٩٧)، الإنصاف (٤/ ٢٨٨)، بدائع الصنائع (٢/ ٥٨)، الذخيرة (٣/ ٤١٦).
(٣) ينظر: اللباب في فقه الشافعي (ص ٣٨٠)، الحاوي الكبير (٨/ ٤٠٧)، (١٤/ ٧٠).
(٤) ينظر: المغني (٤/ ١٩٦ - ١٩٧)، الإنصاف (٤/ ٢٨٨)، بدائع الصنائع (٢/ ٥٨)، البيان والتحصيل (٣/ ٤٠٦).
(٥) ينظر مختصر المزني (٨/ ٣٨٠)، الحاوي الكبير (١٤/ ٧٠).
(٦) لم أجد هذا التفسير معزوا لابن عباس .
(٧) لم أجد هذا التفسير معزوا لابن السائب.
(٨) سبقت ترجمته ص ٣٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>