للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجواب: أن هذا ليس بحد عند مخالفنا، فالظاهر مطرح ويجوز أن يحمل على أنه أراد قبل تقضي الحرب، فأشرك بينهم وعلى أنا قد روينا عنه أنه قال: الغنيمة لمن شهد الوقعة (١).

واحتج: بأن حق الغانمين لا يثبت في الغنيمة بثبوت أيديهم عليها، وإنما يثبت حقهم فيها بإحرازها في دار الإسلام؛ يدل عليه أن لكل واحد من الغانمين أن ينتفع بالطعام من الغنيمة في دار الحرب، وكذلك علف الدابة، فلو كان حقهم يثبت في الغنيمة بحصولها في أيديهم؛ لما جاز لأحد منهم أن يستفيد بشيء من ذلك كما لا يجوز بعد الإحراز في دار الإسلام (٢).

والجواب: أنه إذا انهزم العدو عن الغنيمة ملك الجيش أن يتملكوا وثبت لهم حق التملك فيها، فإذا اختاروا ملكها بالقول ملكوها، وهذا قصدنا في الكلام فيه مبينًا في مسألة وطيء الأمة من المغنم إذا علقت من الواطئ هل تصير أم ولد أم (لا) (٣)؟ إذا كان كذلك ولحقهم في المدد دار الحرب فقد لحقهم بعد ثبوت حقهم فيها، ولا فرق بين دار الحرب ودار الإسلام، وما ذكروه من أكل الطعام والعلف فإنما أبيح ذلك؛ للضرورة لا لعدم الملك؛ لأنهم لا يجدون فيها ما يشترون ويشق عليهم حمل الطعام والعلف من دار الإسلام إلى دار الحرب فأبيح لهم أن يأكلوا ذلك من غير إذن الإمام ولا يحتسب عليهم من حقهم من الغنيمة.

يبين صحة هذا: أن غير الطعام لا يجوز لأحد منهم أن ينفرد به على أنه لمعنى في الطعام دون الملك؛ لأنه لو كان لعدم الملك لاستوى فيه الطعام وغيره (٤).

فإن قيل: لو كان كذلك لما جاز لأحد منهم أن يستبيحها إلا في حال الضرورة ولما


(١) ينظر: الإنصاف (٤/ ١٣٠)، الشرح الكبير لابن قدامة (١٠/ ٤٩٠)، الكافي في فقه الإمام أحمد (٤/ ١٤٢)، المبدع شرح المقنع (٣/ ٢٧٨)، المغني (١٠/ ٤٥٥).
(٢) ينظر المبسوط (١٠/ ١٨)، تحفة الفقهاء (٣/ ٣٩٩)، بدائع الصنائع (٧/ ١٢١).
(٣) كتبت بالأصل كلمة غير مفهومة المعنى، وأثبتها كلمة (لا) لأنها تتسق مع سياق الكلام.
(٤) ينظر: الإنصاف (٤/ ١٢٠)، الشرح الكبير لابن قدامة (١٠/ ٤٩٠)، الكافي في فقه الإمام أحمد (٤/ ١٤٢)، المبدع شرح المقنع (٣/ ٢٧٨)، المغني (١٠/ ٤٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>