للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنهم متى اختاروا استقر الملك لهم؛ لأنها غنيمة مجموعة فهو كما لو أحيزت إلى دار الإسلام، ولأن الغانمين لو لم يملكوا الغنيمة بذلك لكانت باقية على ملك المشركين ولو كان كذلك؛ لنفذ عتق أهل الحرب في العبيد الذين حصلوا من الغنيمة فلما لم ينفذ ثبت أن ملكهم قد زال عنهم إلى الغانمين، ولأنه لو لم يتعلق حق الغانمين بها لوجب إذا أسلم الرجل من الكفار بعد الحيازة وقبل القسمة أن يكون أحق بماله فلما لم يملك دل على أن ملكه زال عنها، ولأنهم لو لم يملكوا لشاركهم الأسير فيها (١).

فإن قيل: إنما لم ينفذ عتقهم فيها ولم يكونوا أحق بها بعد الإسلام؛ لأنا نقول: إن ملكهم زال عنها ولم يدخل في ملك الغانمين وليس يمتنع مثل هذا على أصلنا كما نقول: زال ملك البايع ولم يدخل في ملك المشتري إذا كان الخيار للمشتري (٢).

قيل: كل مملوك لابد له من مالكٍ، ولما لم يملكه الكفار في هذه الحال وجب أن يملكه الغانمون، ولا يلزم على هذا العبد الذي يخدم الكعبة؛ لأن ملكه الله تعالى وكذلك الوقف على المساجد والجوامع الملك فيها الله تعالى والعلامة فيما كان ملكًا لله تعالى أن الإمام يتولى النظر فيه وما كان النظر فيه إلى غيره (٣).

واحتج المخالف: بما روي عن عمر أنه كتب إلى سعد بن أبي وقاص: قد (أمددتك) (٤) بمددٍ فإن لحق قبل أن تنفق القتلى فأشركهم (٥) وأراد قبل أن تطول المدة ويتمكن من بلادهم (٦).


(١) ينظر: الشرح الكبير لابن قدامة (١٠/ ٤٩٠)، الكافي في فقه الإمام أحمد (٤/ ١٤٢)، المبدع شرح المقنع (٣/ ٢٧٨)، المغني (١٠/ ٤٥٥).
(٢) ينظر: المبسوط (١٠/ ١٨)، بدائع الصنائع (٧/ ١٣١)، الهداية شرح بداية المبتدي (٢/ ٣٨٦).
(٣) ينظر: الشرح الكبير لابن قدامة (١٠/ ٤٩٠)، الكافي في فقه الإمام أحمد (٤/ ١٤٢)، المبدع شرح المقنع (٣/ ٢٧٨)، المغني (١٠/ ٤٥٥).
(٤) كتبت "أمددك، والصواب: "أمددتك" كما عند الشافعي في الأم (٧/ ٣٦٠).
(٥) ذكره الشافعي في الأم (٧/ ٣٦٠) ومن طريقه البيهقي في الكبرى رقم (١٧٩٥٥).
وقال البيهقي بعد أن خرجه: "قال الشافعي : فهذا غير ثابت عن عمر، ولو ثبت عنه كنا أسرع إلى قبوله منه، ثم ذكر مخالفة أبي يوسف حديث عمر هذا. قال الشيخ: وهو منقطع، ورواية مجالد وهو ضعيف" أهـ.
(٦) ينظر: المبسوط (١٠/ ١٨)، بدائع الصنائع (٧/ ١٢١)، الهداية شرح بداية المبتدي (٢/ ٣٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>