للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واحتج: أحمد بما روى أن أبا بكر بعث جيشًا إلى الشام ونهاهم عن قطع الشجر (١).

فإن قيل: إنما نهاهم؛ لأن النبي أعلمه أنه يملك الشام ويفتحها (٢).

قيل: لم يعلمه أنه يفتحها بنفسه وإنما أعلمه أنها ستفتح على المسلمين (٣) ولهذا مات أبو بكر قبل فتحها وفتحت في أيام عمر في إمارة أبي عبيدة (٤)، ومع هذا فقد نهى أبو بكر عن قطعها؛ ويدل عليه ما روى أبو هريرة قال: بعثنا رسول الله في بعث فقال: "إن وجدتم فلانًا وفلانًا فاحرقوهما بالنار". ثم قال رسول الله حين أردنا أن نخرج: "إني أمرتكم أن تحرقوا فلانًا وفلانا، وإن النار لا يعذب بها إلا الله ﷿، فإن وجدتموهما فاقتلوهما" (٥) فنهى عن تحريقهم وبين العلة في ذلك من عذاب الله تعالى وروى الدارقطني في الأفراد (٦) بإسناده عن ابن عمر قال: نهى رسول الله عن إحراق الطعام في أرض العدو (٧) ولأن النخل والشجر والبنيان من أموالهم تدوم منفعته فلم يحز إتلافه من غير حاجة كالحيوان، ولأنه مال تثبت أيديهم عليه فإذا لم يجز إتلاف الحيوان منه لم يجز إتلاف غيره.


(١) أخرجه مالك في الموطأ رقم (١٠)، وعبد الرزاق في المصنف رقم (٩٣٧٥)، وابن أبي شيبة في المصنف رقم (٣٣١٣١) كلهم من طريق يحيى بن سعيد الأنصاري أن أبا بكر الصديق بعث جيوشًا إلى الشام. فخرج يمشي مع يزيد بن أبي سفيان وكان أمير ربع من تلك الأرباع … وفيه: وإني موصيك بعشر: "لا تقتلن امرأة، ولا صبيًا، ولا كبيرًا هرمًا، ولا تقطعن شجرًا مثمرًا … " الحديث. وأخرجه سعيد بن منصور في السير رقم (٢٣٨٣) من طريق عبد الله بن عبيدة، عن أبي بكر الصديق . وأخرجه الطحاوي في المشكل رقم (٣/ ١٤٤)، والبيهقي في الكبرى رقم (١٨١٢٥) من طريق سعيد بن المسيب، عن أبي بكر الصديق .
(٢) ينظر: مختصر المزني (٨/ ٣٧٩)، الحاوي الكبير (١٣/ ١٣٢)، (١٤/ ١٩٢).
(٣) أخرج البخاري من حديث سفيان بن أبي زهير ، أنه قال: سمعت رسول الله ، يقول: "تفتح اليمن، فيأتي قوم يبسون، فيتحملون بأهلهم ومن أطاعهم، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون، وتفتح الشام، فيأتي قوم يبسون، فيتحملون بأهليهم ومن أطاعهم، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون، وتفتح العراق، فيأتي قوم يبسون، فيتحملون بأهليهم ومن أطاعهم، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون"، في كتاب فضائل المدينة، باب من رغب عن المدينة، رقم (١٨٧٥)، ومسلم في كتاب الحج، باب الترغيب في المدينة عند فتح الأمصار، رقم (١٣٨٨).
(٤) سبقت ترجمته ص ١٢٦.
(٥) أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير، باب التوديع، رقم (٢٩٥٤)، باب: لا يعذب بعذاب الله، رقم (٣٠١٦).
(٦) ينظر: أطراف الغرائب والأفراد (٢٩٧٢).
(٧) أخرجه عبد الرزاق في المصنف رقم (٩٤١٥)، والطبراني في الكبير رقم (١٣٤٣٦)، (١٣٤٦٧)، وفي الأوسط رقم (١٥٧٥)، (٨٤١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>